للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدلالة عليها كما مثلنا. نعم، قد يقع الاختلاف فى أمور عارضة لها، وهذا كقولنا: صارم، ومهند، فإنهما وإن كانا دالين على حقيقة السيف لا يختلفان فيها، لكن الصارم فيه دلالة على القطع، وقولنا مهند، فيه دلالة على نسبته إلى الهند، وقولنا علم، ومعرفة، فإنهما وإن اتفقا فى دلالتهما على معقول حقيقة العلم، لكن أحدهما يتعدى إلى مفعول واحد وهو المعرفة، والعلم يتعدى إلى مفعولين، فهذه أمور عارضة يقع فيها الاختلاف، وقد يقعان موقعا واحدا لا يتطرق إليهما اختلاف على حال، كقولنا ليث، وأسد.

المرتبة الرابعة فى بيان [الألفاظ المشتركة] ،

وهى اللفظة الواحدة الدالة على أزيد من معنى واحد مختلفة فى حقائقها على الظهور بوضع واحد، فقولنا هى اللفظة الواحدة، ولم نقل هى الألفاظ لأن الاشتراك قد يكون فى اللفظة الواحدة، وفى الألفاظ المجتمعة، بخلاف التباين، والترادف، فإنهما لا يقعان إلا فى مجموع الألفاظ، لفظتين فصاعدا، وقولنا الدالة على أزيد من معنى واحد، نحترز به عن اللفظة المفردة التى لا تدل إلا على معنى واحد، فإنها لا تكون مشتركة، وأكثر الكلام على الوضع فى الدلالات الإفرادية؛ لأن الاشتراك على خلاف الأصل. وقولنا مختلفة فى حقائقها، نحترز به عن المتواطئة، فإن اختلافها ليس فى الحقائق، وإنما اختلافها فى العدد كرجل، وإنسان، فإنهما دالان على أفراد متعددة لكنها غير مختلفة فى حقائقها؛ لأنها اتفقت فى أمر جامع لها، كالرجولية، والإنسانية. وقولنا على الظهور، نحترز به عن الألفاظ المشتبهة كالفظة النور، فإنها تطلق على الشمس والنار، والعقل، فقد دلت على أكثر من حقيقة واحدة مختلفة فى حقائقها، فإن حقيقة النار مغايرة لحقيقة الشمس والعقل، لكن اختلافها فى هذه الحقائق، ليس أمرا ظاهرا كظهور الأسماء المشتركة، بل لا يمتنع اتفاقها فى أمر جامع لها، وإن خفى على الأذهان وكان فى غاية الدقة المعنى المفهوم من حقيقة النور، متفقة فيه، وإن كانت حقائقها مختلفة كما أشرنا إليه. وقولنا بوضع واحد، نحترز به عما يدل على شىء بالحقيقة، وعلى ما يخالفه بالمجاز، كقولنا أسد، وحمار، فإنهما قد دلا على أمرين مختلفين، ولكن بوضعين.

فإن وضح ما ذكرناه من الأمر الجامع لها على خفائه فذكر الاحتراز جيد لا غنى عنه، وإن خفى وكان فى غاية الدقة ولم يكن له هناك حقيقة فلا وجه للاحتراز، وكانت المشتبهة داخلة تحت اللفظة المشتركة من غير تفرقة بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>