للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما قال بعض الأذكياء:

والصبح يتلو المشترى وكأنه ... عريان يمشى خلفه بسراج

ومن ذلك قول بشار:

كأن الناس حين تغيب عنهم ... نبات الأرض أخطأه القطار

ومن بديع التشبيه قول امرىء القيس:

وكشح لطيف كالجديل مخصر ... وساق كأنبوب السقى المذلل

وتعطو برخص غير شثن كأنه ... أساريع ظبى أو مساويك إسحل

مهفهفة بيضاء غير مفاضة ... ترائبها مصقولة كالسجنجل

فانظر إلى ما اشتملت عليه هذه الأبيات من بديع التشبيه وغريبه، ومن هذا قول بعضهم فى تشبيه الفحم والجمر:

كأنما النار فى تلهبها ... والفحم من فوقها يغطيها

زنجية قبضت أناملها ... من فوق نارنجة لتخفيها

ومن جيد التشبيه ورائقه ما قاله بعض الأدباء وهو البحترى:

دنوت تواضعا وعلوت قدرا ... فشاناك انخفاض وارتفاع

كذاك الشمس تبعد أن تسامى ... ويدنو الضوء منها والشعاع

ولنكتف بهذا القدر فى المفردات.

[الضرب الثانى فى تشبيه المركب بالمركب،]

وما هذا حاله يرد على أوجه أربعة: أولها تشبيه شيئين بشيئين كقوله تعالى: وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ

[إبراهيم: ٢٦] فقد مثل الكلمة الخبيثة بالشجرة الخبيثة، وقد قررنا من قبل أنا نريد بالتشبيه المركب ذلك ونحو قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً

[الجمعة: ٥] وقوله تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً

[البقرة: ١٧١] فمثّل الكفار فى إعراضهم عن الحق والهدى وعدم الإصغاء إلى ما جاء به الرسول برجل يتكلم بما لا يفهم منزلة نعيق البهائم ومن هذا قوله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل الرجل الذى لا يتم صلاته كمثل الحامل حملت حتى إذا دنا نفاسها أملصت فلا ذات حمل ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>