ذات ولد» ومن هذا قوله صلّى الله عليه وسلّم فى مثال المؤمن حامل القرآن، كمثل الأترجة، ومثال المنافق الذى لا يحمل القرآن كمثل الحنظلة، وسائر تلك الأحاديث أسلفناها تمثيلا للمفرد بالمفرد، وهى ههنا صالحة للتمثيل المركب بالمركب فى شيئين بشيئين، فإن كان بالإضافة إلى الموصوف مع صفته، فهو من باب المركب بالمركب، والأمر فيه قريب، ومن الشعر قول امرىء القيس:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا ... لدى وكرها العنّاب والحشف البالى
وقول بشار:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
وثانيها تشبيه ثلاثة بثلاثة وهذا كقول بعضهم:
ليل وبدر وغصن ... شعر ووجه وقد
خمر ودر وورد ... ريق وثغر وخد
فهذا عددناه من التشبيه، وإن لم تظهر فيه الأداة، لأنه فى معنى التشبيه، وإن كانت أداته مضمرة، لأن ظهورها يكون مقدرا.
وثالثها تشبيه أربعة بأربعة وهذا كقول امرىء القيس:
له أيطلا ظبى وساقا نعامة ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
وكقول أبى نواس:
تبكى فتذرى الدر من نرجس ... وتمسح الورد بعناب
فشبه الدمع بالدر، والعين بالنرجس، لما فيه من اجتماع السواد والبياض، وشبه الوجه بالورد، وشبه الأنامل بالعناب، فهذه تشبيهات أربعة كما أشرنا إليه وكما قال بعضهم:
فزحزحت شفقا غشّى سنا قمر ... وساقطت لؤلؤا من خاتم عطر
فشبه الخمار بالشفق، لحمرته، وشبه الوجه بالقمر، وشبه ثناياها باللؤلؤ، وشبه فمها بالخاتم.
ورابعها تشبيه خمسة بخمسة وهذا كقول الوأواء الدمشقى:
فأمطرت لؤلؤّا من نرجس وسقت ... وردا وعضت على العناب بالبرد
فجميع ما أوردناه فى هذا الضرب إنما هو فى تشبيه المركب بالمركب.