ووكلت مجدك فى اقتضائك حاجتى ... وكفى به متقاضيا ووكيلا
فهذه السرقات كلها معنوية مع إعادة بعض اللفظ كما ترى.
الوجه الثالث: من السلخ أن يؤخذ بعض المعنى فمن ذلك ما قاله بعض الشعراء:
عطاؤك زين لامرىء إن حبوته ... ببذل وما كلّ العطاء يزين
وليس بشين لا مرىء بذل وجهه ... إليك كما بعض السّؤال يشين
فأخذه أبو تمام ونقص من معناه بعض النقصان قال فيه:
تدعى عطاياه وفرا وهى إن شهرت ... كانت فخارا لمن يعفوه مؤتنفا
ما زلت منتظرا أعجوبة زمنا ... حتى رأيت سؤالا يجتنى شرفا «١»
فالأول أتى بمعنيين، أحدهما أن عطاءك زين والآخر أن عطاء غيرك شين، وأما أبو تمام فإنه أتى بالمعنى الأول لا غير، وهو أن عطاءه زين، فهذا ما أردنا ذكره مما يتعلق بالسلخ، وفيه أوجه غير هذه تركنا ذكرها للاستغناء بما ذكرنا عنها، ومن عرف ما قلناه أمكنه إدراك ما عداه من هذا النوع.
[النوع الثالث المسخ]
وهو إحالة المعنى إلى ما هو دونه، واشتقاقه من قولهم مسخت هذه الصورة الآدمية إلى صورة القردة والخنازير، فتارة تكون صورة الشعر حسنة فتنقل إلى صورة قبيحة، وهذا هو الأصل فى المسخ، وتارة تكون الصورة قبيحة فتنقل إلى صورة حسنة، فهذان وجهان نذكر ما يتوجه منهما بمعونة الله.
الوجه الأول: أن ينقل الأحسن من الشعر إلى صورة قبيحة، ومثاله ما قاله عبد السلام ابن رغبان الملقب بديك الجن:
بحقّ تعزّيك ومنك الهدى ... مستخرج والصبر مستقبل
تقول بالعقل رأيت الذى ... تأوى إليه وبه تعقل
إذا عفا عنك وأودى بنا الدّ ... هر فذاك المحسن المجمل
أخذه أبو الطيب المتنبى فأتى به على عكس صورته وقلب أعلاه أسفله: