للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس واقعا على «كلّ» فلهذا كان عاما، ومنه قول بعضهم:

فكيف وكلّ، ليس بعدو حمامه ... وما لامرىء عمّا قضى الله مزحل

فالنفى متصل بالفعل، فلهذا كان عاما ولو قلت: وليس كل يعدو حمامه، لأفسدت المعنى؛ لأنه يوهم أن بعض الناس يسلم من ملاقاة الحمام، وهو محال، ومنه قول دعبل:

فو الله ما أدرى بأى سهامها ... رمتنى وكلّ، عندنا ليس بالمكدى

أبا لجيد أم مجرى الوشاح وإننى ... لأتهم عينيها مع الفاحم الجعد

أراد أن سهامها كلها قاتلة لا يوجد فيها مكد بكل حال، وأكداه إذا نقصه، وأكداه، إذا منعه، فينحل من مجموع ما ذكرناه ههنا أن «كلّا» إذا ولى حرف النفى فى قولك: ما كل الرجال قائم، وما كل الرجال جاءنى، فإنه واقع على شموله، سواء كان عاملا فيه أو غير عامل، كقولك: ما كل الرجال لقيت أو أكرمت، وما كل الرجال قام، فإذا كان النفى واقعا على الشمول كان مؤثرا فيه النفى، فلا يناقضه ما جاء على عكسه، فعلى هذا تقول فى: ما كل الرجال جاءنى بل جاءنى بعضهم، فلا مناقضة فيه، بخلاف ما إذا كان حرف النفى واقعا حشوا فى نحو قولك: كل الرجال ما لقيت، وكل الرجال ما أكرمت، فإنه يكون واقعا على نفى الإكرام معلّقا بالشمول، فلهذا ٧ ذا وقع ما يخالفه، كان مناقضا له، فإذا قلت: كل الرجال ما جاءنى، فإنه يناقضه بل جاءنى بعضهم، وسر التفرقة ما ذكرناه من تصدير حرف النفى ووقوعه حشوا وتوجّه النفى إلى الشمول خاصة، وأفاد ثبوت الفعل أو الوصف لبعض، أو تعلّقه به، وما كان على خلاف ذلك كان عاما فى الشمول والآحاد، وما ذكره الشيخ عبد القاهر حيث قال: إن كانت كلمة «كلّ» داخلة فى حيز النفى بأن تأخرت عن أداته كقوله: ماكل ما يتمنى المرء يدركه، أو معمولة للفعل المنفى نحو ما جاءنى القوم كلهم، أو لم آخذ كل الدراهم، أو كل الدراهم لم آخذ، فالمعنى على نفى الشمول، مطابق لما ذكرناه فى هذين التقريرين وضابط لما كان من النفى متعلقا بالشمول دون الآحاد وما كان عاما فيها.

[الصنف الثانى ما يتعلق بالأفعال،]

وأكثرها متعلق بعلوم الإعراب، فلا حاجة بنا إلى ذكره، وإنما نذكر منها صورة واحدة وهى لفظة «كاد» وهى موضوعة للمقاربة دالة عليها، وقد وقع

<<  <  ج: ص:  >  >>