وكقول أبى تمام:
جمعت لنا فرق الأمانى منكم ... بأبر من روح الحياة وأوصل
فصنيعة فى يومها وصنيعة ... قد أحولت وصنيعة لم تحول
كالمزن من ماء الرباب فمقبل ... متنظر ومخيم متهلل
ومن جيد التشبيه قول إبراهيم بن العباس:
لنا إبل كوم يضيق بها الفضا ... ويغبر عنها أرضها وسماؤها
فمن دونها أن تستباح دماؤنا ... ومن دوننا أن يستباح دماؤها
حمى وقرى فالموت دون مرامها ... وأيسر خطب يوم حق فناؤها
وقال أبو تمام:
وما هو إلا الوحى أو حد مرهف ... يقيم ظباه أخدعى كل مائل
فهذا دواء الداء من كل عالم ... وهذا دواء الداء من كل جاهل
وهكذا ورد قوله:
وكان لهم غيثا وعلما لمعدم ... فيسأله أو باحث فيسائله
ومن ذلك قول أبى نواس:
ترجو وتخشى حالتيك الورى ... كأنك الجنة والنار
وليكن هذا القدر كافيا فى إيراد الأمثلة ففيه كفاية لمقدار غرضنا فى التشبيه المضمر الأداة، والمظهر الأداة كما فصلناه من قبل.
[المطلب الثالث فى كيفية التشبيه]
اعلم أن التشبيه لكثرة وقوعه فى الكلام، وتوسع أهل البلاغة فى طرقه يكاد أن تكون كيفية وقوعه غير منحصرة لما ذكرناه من الاتساع، ولكنا نشير من ذلك إلى كيفيات خمس بمعونة الله تعالى.
[الكيفية الأولى]
هو أن الغرض بالتشبيه ومقصوده، إنما هو الإبانة والإيضاح، ثم إما أن يكون بيانا لحكم مجهول، أو يكون بيانا لمقداره، فهذان وجهان، الوجه الأول أن يكون بيانا لحكم