المستبين، والمستقيم، وزنهما واحد كما ترى، ونحو قوله تعالى: لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١)
[مريم: ٨١] ثم قال بعد ذلك: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨١)
[مريم: ٨٢] فالعز والضد مستويان فى الزنة، وهكذا قوله تعالى: تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣)
[مريم: ٨٣] مع قوله: إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)
[مريم: ٨٤] وهو كثير الورود فى كتاب الله تعالى.
[الضرب التاسع المقابلة]
وحاصلها مقابلة اللفظ بمثله، ثم هى تأتى على وجهين، أحدهما مقابلة المفرد بالمفرد، ومثاله قوله تعالى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ (٦٠)
[الرحمن: ٦٠] وقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ
[الروم: ٤٤] وقوله تعالى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها
[الشورى: ٤٠] وثانيهما مقابلة الجملة بالجملة، ومثاله قوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤)
[آل عمران: ٥٤] وقوله تعالى: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي
[سبأ: ٥٠] فما هذا حاله من المقابلة فى الوجهين جميعا له حظ فى البلاغة، ومقصد عظيم لا يخفى على من له أدنى ذوق مستقيم.
[الضرب العاشر الترديد]
وفائدته أن تورد اللفظة لمعنى من المعانى، ثم تردها بعينها وتعلّق بها معنى آخر، ومثاله قوله تعالى: حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ
الله أعلم حيث يجعل رسالاته [الأنعام: ١٢٤] وهو كثير دوره فى المنظوم والمنثور من كلام الفصحاء، وقد يحصل فى مصراع واحد كما قال بعض الشعراء:
ليس بما ليس به بأس باس ... ولا يضرّ المرء ما قال الناس «١»
فانظر إلى تكرير هذه اللفظة وترديدها، وإفادتها لمعان مختلفة، ولنقتصر على هذا القدر من الفصاحة اللفظية.