عدو لى، أو فإنهن، لأنه راجع إلى الأصنام، والضمير فى من لا يعلم أن يكون على هذه الصورة، ولكنه أورده على ضمير العقلاء لأمرين، أما أولا فلأنهم لما زعموا أنها تستحق العبادة، وأنها يوجد من جهتها النفع، ودفع الضر، صارت لذلك بمنزلة العقلاء، وأما ثانيا فلأنهم لما كانوا فى الإنكار على سواء، وجه الخطاب إليهم على جهة تغليب حالهم على حالها.
[التخلص الخامس]
هو أنه لما ذكر أنها غير مستحقة للعبادة وذكر العداوة لها خرج إلى ذكر الله تعالى فأجرى عليه تلك الصفات اللائقة بذاته من إعظام حاله، وإظهار جلاله، وتفخيم شأنه، وتعديد نعمه من لدن إنشائه، وإبداع ذاته إلى حين مرضه، ودنو وفاته، مع ما يرجى فى الآخرة من عفوه ورحمته، ليعلم أن كل من هذه حاله فهو حقيق بالعبادة واجب على الخلق الخضوع له، والاستكانة لعظمته، وفيه تعريض بحال ما يعبد من دونه فى الاتصاف بنقائض هذه الصفات كما ترى.
[التخلص السادس]
هو أنه لما فرغ مما ذكرناه خرج إلى ما يكون ملائما له ومناسبا فدعا إلى الله تعالى: بدعوات أهل الإخلاص، وابتهل إليه ابتهال أهل الأمانة، لأن الطالب من مولاه إذا قدّم قبل سؤاله والتضرع إليه ذكره بالصفات الحسنى والاعتراف بنعمه، كان ذلك أسرع للإجابة، وأنجح للمطلوب، ولهذا فإن كل من أراد حاجة إلى الله تعالى فإنه يستحب له تقديم الثناء على الله بما هو أهله، وذكر صفاته وحمده وشكره، ثم يسأل حاجته بعد ذلك، فإن ذلك يكون أقرب للإجابة وأسنى لإنجاح الرغبة وإنجازها كما ورد ذلك فى الآداب الشرعية.
[التخلص السابع]
هو أنه لما فرغ مما يخصه من الدعاء لنفسه ولأبيه بالدعوات الصالحة خرج عنه إلى ذكر البعث يوم القيامة ومجازاة الله من آمن به واتقاه وأخلص له العبادة بالجنة وأن كل من عصاه وعبد غيره فإنه مجازيه بالنار، فجمع فى ذلك بين الترغيب فى الطاعة والترهيب من المعصية، وضمّ إليه ذكر الجنة وإزلافها لأهلها من أهل التقوى وذكر النار وتبريزها لأهلها من أهل الغواية كعادته تعالى فى كتابه الكريم، إذا ذكر وعدا أتبعه بالوعيد، وعكسه أيضا