[فصلت: ٣٤] فيجب إقرار زيادتهما حيث وردتا، ولا يجوز التعدّى إلى زيادة «لم» ولن من حروف النفى.
المثال الثالث، إذا استعير لفظ الأسد للرجل الشجاع ووجه الاستعارة بينهما المشاركة فى معنى الشجاعة، فيجب إقراره حيث ورد، ولو جاز تعدّيه لجاز إطلاق اسم الأسد على الرجل الأبخر، وهو المتغّير الفم، فلو كانت المشابهة كافية فى حلّ الإطلاق لجاز ما ذكرناه، فلمّا كان ممنوعا دلّ على ما قلناه من قصره حيث ورد، وهكذا تحذّروا فى إطلاق قولنا:«نخلة» فى الرجل الطويل، ولو جاز تعدّيه لجاز إطلاقها على الحبل من أجل طوله، فلما تعذّر ذلك عرفنا أنه مقصور.
فأما المجازات المركبة فالأقرب جواز تعدّيها إلى غير محالها التى وردت فيها، فكما ورد قوله تعالى: أَخَذَتِ الْأَرْضُ
[يونس: ٨٢] وأنبتت الأرض وغير ذلك، ورد قولهم: تكاثرت أشواقى، والتكاثر إنما يكون فى الأمور المتحيزة، وقولهم: أسقمنى فقدك، وأحيانى مشاهدتك والنظر إليك، وهذا وارد فى لسانهم كثيرا لا يمكن ضبطه فى الرسائل والمواعظ والخطب، ولابن نباته فى مثل هذا اليد البيضاء كقوله:«إنما الموت حسام أزهق النفس ذبابه» .
[الحكم الخامس]
استعمال المجاز مخصوص بالألفاظ دون الأفعال كالقيام والقعود والصوم والهيئات فلا ترد فيها المجازات بحال، وإذا كان مخصوصا بالألفاظ فهى منقسمة إلى الأسماء والأفعال والحروف، فأمّا الحروف، فلا مدخل للمجاز فيها، لأن وضعها على أنها تدلّ على معان فى غيرها فلابدّ من اعتبار الغير فى دلالتها، ثم ذلك الغير إن كانت صالحة للدخول عليه كقولك زيد فى الدار، وعمرو من الكرام، فهى حقيقة فى استعمالها وإن كانت غير صالحة لما دخلت عليه كقولك من حرف جّر، ولم حرف نفى، صارت مجازات لكن التجوّز إنما كان فيها من جهة تركيبها لا من جهة الإفراد، والمنع إنما كان فى حالة الإفراد لا فى التركيب.