[الفصل الثانى فى الخطاب بالجملة الاسمية والفعلية وذكر التفرقة بينهما]
اعلم أن الكلام إذا قصد به الإفادة، فتارة يرد مصدّرا بالجملة الاسمية سلبا كان أو ٧ يجابا، وتارة يرد مصدرا بالجملة الفعلية سلبا كان أو إيجابا، والمعانى تختلف بالإضافة إلى تصدير الجملتين، فهذان طرفان:
الطرف الأول فى توجيه الخطاب ب [الجملة الاسمية]
، وهذا نحو قولك: زيد قد فعل، وأنا فعلت، وأنت فعلت، ومتى كان واردا على جهة الاسمية، فإنه ينقدح فيه معنيان:
[المعنى الأول أن تريد أن الفاعل قد فعل ذلك الفعل على جهة الاختصاص به دون غيره]
، ويذكر على جهة الاستبداد، وهذا كما تقول: أنا قتلت فلانا، وأنا الذى شفعت لفلان عند الأمير بالعطية، وأنا الذى توجهت فى إطلاقه من السجن، وكقوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا
[النجم: ٤٣- ٤٤] فصدر الجملة بالضمير، دلالة على اختصاصه تعالى بالإماتة والإحياء، والإضحاك والإبكاء، وإنما أورد الضمير وصير الجملة اسمية تكذيبا، وردّا، وإنكارا لمن زعم أنه مشارك لله تعالى فى هذه الخصال، ويؤكد هذا أن الأمور التى تقع فيها المشاركة وردت بالجملة الاسمية، والأمور التى لا تقع فيها المشاركة، وردت بالجملة الفعلية، كقوله تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى
[النجم: ٤٤- ٤٥] فأورد الضمير فى الأولى دلالة على الاختصاص بما ذكرناه دون الثانية؛ لأنها لا مطمع فيها بالمشاركة، بخلاف الأولى، فإنه ربما يظن أو يتوهم فيها المشاركة، فلا جرم ورد الضمير مصدّرا فيه الجملة، دلالة على اختصاصه بما ذكرناه.