[البقرة: ٩٦] فتنكير الحياة ههنا أحسن من تعريفها، وإنما وجب ذلك لأمرين؛ أما أولا فلأنه لا يحرص إلّا الحى، وهو لا يستقيم حرصه على أصل الحياة المعهودة، وإنما يتوجه حرصه على الازدياد من الحياة فى الأزمنة المستقبلة، وهذا إنما يكون إذا كانت نكرة. لأن المعنى فيها على أنهم أحرص الناس على أن يزدادوا حياة إلى حياتهم، ولو عاشوا ما عاشوا، وأما ثانيا فلأنها إذا كانت نكرة فالتنوين مصاحب لها، وعلى هذا يكون معناها، ولتجدنهم أحرص الناس على حياة أى حياة لأنها مسوقة للمبالغة، ولكن يكون كذلك إلا بالتقدير الذى ذكرناه، وهكذا قوله تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ
[البقرة: ١٧٩] لأن الواحد منا إذا علم أنه إذا قتل، قتل، فإنه لا محالة يرتدع عن القتل، فيسلم هو وصاحبه، فتصير حياة كل واحد منهما فى المستقبل مستفادة من جهة القصاص، مضمومة إلى الحياة الأصلية، ولا يحصل هذا إلا مع التنكير؛ لأنه يفيد التجدد، والتعريف لا يعطيه، وهكذا قوله تعالى: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ
[النحل: ٦٩] وقوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ
[الإسراء: ٨٢] إلى غير ذلك من الآيات التى يكون فيها التنكير أبلغ من التعريف فى تقرير المقاصد المعنوية.
[الحكم الثالث: المطلق]
هو نحو قولك: رجل، وأسد، وله تعريفان:
[التعريف الأول ذكره ابن الخطيب]
، وحاصل ما قاله أنه اللفظ الدال على الحقيقة من حيث هى هى من غير أن يكون فيه دلالة على شىء من قيود تلك الحقيقة، سلبا كان ذلك القيد أو إيجابا.
[التعريف الثانى ذكره عبد الكريم صاحب التبيان،]
وهو محكى عن القدماء، وهو الدال على واحد لا بعينه، هذا ملخص ما قيل فى حد المطلق، قال ابن الخطيب الرازى: والحد الأول أولى؛ لأن الوحدة والتعيين قيدان زائدان على الماهية، وما هذا حاله لا يجوز أن يكون تعريفا للمطلق، ولا حدّا له، وذكر الشيخ عبد الكريم أن ما ذكره القدماء فى حد المطلق هو الذى يجب التعويل عليه، وقال: إن الوحدة، والتعيين إنما يكونان قيدين زائدين على الماهية فى غير حد المطلق، فأما فى المطلق فلا، ولو صح ما قاله لم يتجه فرق بين قولنا:
أسد، وأسامة، وثعلب، وثعالة، إلى غير ذلك من أعلام الأجناس، والذى يتجه فرقا