فلم يختلف صاف، ولا مصاف إلا بزيادة الميم لا غير، ومن ذلك ما أنشده الشيخ عبد القاهر الجرجانى:
وكم سبقت منه إلى عوارف ... ثنائى من تلك العوارف وارف
وكم غرر من برّه ولطائف ... لشكرى على تلك اللطائف طائف
وقد يلقب ما ذكرناه بالتجنيس الزائد والناقص كما مر تقريره بالأمثلة.
الضرب الخامس [المزدوج]
وهو أن تأتى فى أواخر الأسجاع فى الكلام المنثور، أو القوافى من المنظوم، بلفظتين متجانستين، إحداهما ضميمة، إلى الأخرى على جهة التتمة والتكملة لمعناها، ومثاله من النثر قولهم: من طلب شيئا وجدّ وجد، ومن قرع بابا ولجّ ولج، ومن الحريريات قوله:
إذا باع انباع، وإذا ملأ الصّاع انصاع، فتجد الكلمة الثانية مردفة على جهة التجانس ليكمل معناها وتقرّر فائدتها، ومن النظم ما قاله البستى:
أبا العبّاس لا تحسب لشيبى ... بأنى من حلا الأشعار عار
فلى طبع، كسلسال معين ... زلال من ذرى الأحجار جار
إذا ما أكبت الأدوار زندا ... فلى زند، على الأدوار وار
ومن هذا ما قيل فى الحريريات:
بنىّ استقم فالعود تنمى عروقه ... قويما ويغشاه إذا ما التوى التّوى
ولا تطع الحرص المذلّ وكن فتى ... إذا التهبت أحشاؤه بالطّوى طوى
وإنما لقب هذا بالمزدوج لما يظهر بين الكلمتين من الاستواء، ومنه الازدواج، وهو الاستواء، ويقال له التجنيس المردّد، ويقال له المكرر أيضا، وينقسم إلى ما يكون الازدواج واردا على جهة الانفصال، فى الكلمتين جميعا، كقولك: من جد وجد، ومن لج ولج، وإلى ما يكون الازدواج واردا على جهة الانفصال فى إحداهما والاتصال فى الأخرى، كقولك إذا ملأ الصّاع انصاع، وكالأبيات التى حكيناها عن البستى.