فى اخضرار من اللباس على اص ... فر يختال فى صبيغة ورس
أراد على فرس أصفر فحذفه للعلم به.
الوجه الثانى [حذف الصفة وإقامة الموصوف مقامها]
، وهذا يكون على القلة، ولا يكاد يقع فى الكلام إلا نادرا، فمن ذلك ما قاله شيخ الصناعة فى الإعراب «سيبويه» حكاية عن العرب «سير عليه ليل» وهم يريدون، ليل طويل، ومن ذلك أن يتقدم مدح إنسان والثناء عليه فتقول بعد ذلك، «كان والله رجلا» أى فاضلا جوادا كريما، وهكذا تقول «سألناه فوجدناه إنسانا» أى عالما خبيرا بالعلوم، والتفرقة بين الصفة والموصوف حيث كان حذف الموصوف أكثر دون صفته، هو أن الصفة من حقها أن تأتى من أجل إيضاح الموصوف وبيانه، فلما كانت الصفة مختصة بالإيضاح والبيان، كثر لا شك قيامها مقام الموصوف، بخلاف الموصوف، فإنه يكثر إبهامه من غير ذكر الصفة، فلا جرم كان قيامه مقام الصفة قليلا نادرا يرد حيث ذكرناه.
[النوع الرابع حذف الحروف،]
ولما كانت أحرف المعانى كثيرة الدور والاستعمال فى الكلام، توسعوا فى الإيجاز بحذفها، وذلك يأتى على أوجه.
أولها [حذف «لا» ] من الكلام وهى مرادة
، وذلك كقوله تعالى: قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ
[يوسف: ٨٥] أراد لا تفتأ ومعناه لا تزال، فحذفت توسعا وإيجازا وهى مرادة، وعلى هذا ورد قول امرىء القيس «١» :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطّعوا رأسى لديك وأوصالى
أى لا أبرح، فحذفت وهى مرادة، وكقول أبى محجن الثقفى لما نهاه سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه عن شرب الخمر وهو يومئذ فى قتال الفرس بالقادسية:
رأيت الخمر صالحة وفيها ... مناقب تهلك الرجل الحليما
فلا والله أشربها حياتى ... ولا أسقى بها أبدا نديما
وثانيها [حذف الواو] وإثباتها فى الكلام
فمتى وجدت فى الكلام فإنها تؤذن بالتغاير بين الجملتين، لأن الواو تقتضى المغايرة، ومتى كانت محذوفة فإنها تدل على البلاغة بالإيجاز،