تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ
[الحج: ٧٣] فهذا كله مثال فى تسجيل الذم، وأما التسجيل فى المدح، فكالأوصاف التى ذكرها الله وأطنب فى شرحها فى حق أهل الإيمان، كالآيات التى فى فواتح سورة البقرة فى صفة المتقين، والآيات التى فى صدر سورة المؤمنين، فهذا كله معدود فى التسجيل.
[الضرب السادس الإلهاب والتهييج]
وهما عبارتان عن الحثّ على الفعل لمن لا يخلو عن الإتيان به، وعلى ترك الفعل لمن لا يتصور منه تركه، ومثاله قوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥)
[الزمر: ٦٥] وقوله تعالى: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦)
[الزمر: ٦٦] ، فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢)
[الزمر: ٢] وقوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً
[الروم: ٣٠] وقوله: فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ
[هود: ١١٢] وقوله تعالى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٥)
[الأنعام: ٣٥] فهذا كله وارد على جهة الحث لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم والتحذير له عن مواقعة هذه الأفعال.
[الضرب السابع التلميح]
وهو عبارة عن الإشارة فى أثناء الكلام إلى الأمثال السائرة، ومثاله قوله تعالى:
كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ
[العنكبوت: ٤١] وقوله تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ
[الأعراف:
١٧٦] وقوله: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
[الجمعة: ٥] فما هذا حاله إذا ورد فى الكلام فإنه يكسبه بلاغة ورشاقة، ويزيده وضوحا ويصير كالشّامة فى بدن الإنسان ويزيده فى الأذهان قبولا ونضارة.
[الضرب الثامن جودة المطالع والاستفتاحات للكلام]
اعلم أن ما هذا حاله تتفاوت الناس فيه كثيرا، فإنه إذا كان حسنا كان مفتاحا للبلاغة،