[الضرب الأول فى بيان خصائص المسند إليه]
وتعرض له حالات، بعضها يستحقها بالأصالة، وبعضها بالعروض لأغراض وفوائد نفصلها، وجملتها أمور عشرة، أولها ذكر المسند إليه، إما على جهة الابتداء، كقوله تعالى:
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ
[النور: ٤٥] وإما على جهة الفاعلية، كقوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
[المائدة: ٩] لأن كل واحد من الفاعل والمبتدأ مسند إليهما، فذكرهما هو المطّرد المعتاد، إما لكونه هو الأصل، وإما لزيادة الإيضاح والتقرير كقوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ
[الروم: ٤٠] وإما لإظهار التعظيم كقوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ
[الحشر: ٢٤] وإما لبسط الكلام، من أجل الاعتناء به بذكر المسند إليه كقوله تعالى: هِيَ عَصايَ
[طه: ١٨] وإما للتنبيه على فضله وعظم منزلته كقوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ
[الفتح: ٢٩] وإما للاحتياط لضعف التعويل على القرينة كقوله تعالى: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢)
[الزلزلة: ٢] إلى غير ذلك من الأوجه والمعانى الموجبة لذكره، فاعلا كان أو مبتدأ، وثانيها حذفه، إما للدلالة على الجواز كقوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
[الفاتحة: ٤] بالرفع على تأويل هو ملك يوم الدين، وإما للاحتراز عن العبث بناء على الظاهر حيث يكون معلوما، فتحذفه اتكالا على العلم به كقوله تعالى: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
[يوسف: ١٨] أى فأمرى صبر جميل، فإنما حذف لما ذكرناه من وضوح الأمر فيه، فلا جرم كان مسلطا على حذفه، ومن حذف المسند إليه قوله تعالى: ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥)
[يوسف: ٣٥] لأن التقدير فيه ثم بدا لهم أمر، ومنه قوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢)
[البقرة: ٢] أى هو هدى فى أحد وجوهه، وثالثها تنكيره، إما للإفراد كقوله تعالى: وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى
[القصص: ٢٠] وإما للنوعية كقوله تعالى: وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ
[البقرة: ٧] فإن المراد من ذلك، وعلى أبصارهم نوع من الغشاوات المغطية، ويحتمل أن يكون المراد به الوحدة، أى واحدة من الأمور التى حجبت أعينهم عن إبصار الحق واتباعه، وإما للتكثير أو التعظيم كقوله تعالى:
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
[فاطر: ٤] أى رسل ذوو عدد كثير أو رسل لهم شأن عند الله وقدر عظيم، خصهم بمعجزات باهرة، وآيات عظيمة، ومن التعظيم قوله