للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التراخى، وحيث صار إلى الأطوار التى يتلو بعضها بعضا على جهة المبالغة عطف العلقة على النطفة بثم، لما بينهما من التراخى، ثم عطف المضغة على العلقة بالفاء لما لم يكن هناك تراخ، ثم عطف خلق العظام من عقيب كونه مضغة بالفاء من غير مهلة ولا تلبّث، ثم عطف فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً

بالفاء من غير تراخ، ثم تسويته إنسانا بعد خلق العظام بثم، إشارة إلى التراخى، ثم قوله فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤)

[المؤمنون: ١٩] عطفه بالفاء دلالة على أن كل عاقل خرق قرطاس سمعه نظم هذه الآية وتأليفها فإنه يقضى العجب على الفور من غير تلبّث، وينطق باللفظ الدال على الزيادة فى الحكمة والدخول فى الإتقان، ومن ثم قال «١» غير واحد من البلغاء وأهل الفصاحة عند سماع هذه الآية، تبارك الله أحسن الخالقين. لأجل ما يقع فى النفوس من بديع النظام وحسن التأليف فيها.

ويتعلق بما نحن فيه تنبيهات ثلاثة:

[التنبيه الأول]

هو أن من حق الجمل إذا ترادفت وتكرر بعضها فى إثر بعض فلابد فيها من ربط الواو لتكون متسقة منتظمة، كما أن الجمل إذا وقعت موقع الصلة، أو الصفة، فلا بد لها من ضمير رابط يعود منها إلى صاحبها، فلهذا تقول: زيد قائم، وعمرو منطلق، فلا تجد بدّا من الواو، وكما لا تجد بدّا من الضمير فى نحو قولك: هذا الذى قام وخرج، من أجل الربط كما ذكرناه، وهذا الصنيع مستمر، اللهم إلا أن تكون الجملتان بينهما امتزاج معنوى، وتكون الثانية موضحة للأولى مبينة لها كأنهما أفرغا فى قالب واحد، فإذا كانت بهذه الصفة فإنها تأتى من غير واو، وهذا كقوله تعالى: الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ

[البقرة: ١- ٢] فإنه من غير واو لما كان موضحا لقوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ

؛ لأن كل ما كان من القرآن فهو لا ريب فيه ولا شك، ثم قال: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ

[البقرة: ٢] فإنه موضح لقوله: لا رَيْبَ فِيهِ

لأن كل ما كان لا يرتاب فى حاله، ولا يقع فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>