[التنبيه الثانى فى بيان الصفة الجامعة بين المشبه والمشبه به]
اعلم أن كل من أراد تشبيه شىء بغيره، فلابد من اجتماعهما فى وصف يكون دالا على الاجتماع وعلما دالا على المبالغة، ولابد من أن يكون المشبه به أعلا حالا من المشبه، لتحصل المبالغة هناك، وتختلف تلك الأوصاف الجامعة ويحصرها أقسام ستة.
[القسم الأول الأوصاف المحسوسة]
وهى بالإضافة إلى الحواس التى هى طريق الإدراك خمسة، نفصلها بمعونة الله تعالى.
[الرحمن: ٥٨] فالجامع الحمرة، ونحو تشبيه الخد بالورد فى البياض المشرب بالحمرة، والشعر بالليل فى سواده، وكقول بعضهم:
وكأن أجرام السماء لوامعا ... درر نثرن على بساط أزرق
فشبه أديم السماء فى صفاء زرقته، وبياض النجوم، بدرر منثورة على بساط أزرق، وكقول بعضهم فى وصف ما يجتمع من الأزهار فى الزرقة والبياض والحمرة.
ولا زوردية تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليواقيت
كأنها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النار فى أطراف كبريت
ولأمير المؤمنين فى هذا اليد البيضاء حيث قال فى خلقة الطاووس: ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية، والوسمة «بكسر السين» نبت أسود يقال له «العظلم» أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال، وكأنه متلفع بمعجر أسحم، ومع فتق أذنه خط كمستدق القلم، فهو كالأزاهير المبثوثة. وقال: فى جناحه إذا نشره من طيه وسما به مطلا على رأسه كأنه قلع دارى عنجه نوتيّه- والنوتى هو الملاح- فإن ضاهيته بالملابس فهو كموشى الحلل، وإن شاكلته بالحلى فهو كفصوص ذات ألوان، فانظر إلى