مع الإطناب، فهاتان خاصتان، الخاصة الأولى مجيئه مع الإيجاز ومثاله قول الشاعر:
له لحظات عن حفافى سريره ... إذا كرّها فيها عقاب ونائل «١»
فإنه قد جمع إلى إيجازه وصف الممدوح بالخلافة ومدحه بالقدرة وشدة الانتقام وإعطاء المعروف والهيبة والجلالة والعظمة والأبهة، الخاصة الثانية مجيئه مع الإطناب ومثاله قول بعض الشعراء يمدح رجلا فأطنب فى مدحه ووصفه بالخصال الباهرة:
لقد وقفت عليه فى الجموع ضحى ... وقد تعرّضت الحجّاب والخدم
حييته بسلام وهو مرتفق ... وضجّة الناس عند الباب تزدحم
فى كفّه خيزران ريحه عبق ... فى كف أروع فى عرنينه شمم
يغضى حياء ويغضى من مهابته ... فما يكلّم إلا حين يبتسم «٢»
فانظر إلى ما أودعه فى هذه الأبيات من الإطناب فى مدحه بهذه الخصال كلها، وذكرها مفصلة فيه أقوى دلالة على الإطناب، فهذه أمثلة البيان الحسن،
[الوجه الثالث فى المتوسط من البيان،]
وهو ما ليس فيه قبح كالذى حكيناه عن «باقل» ولا فيه دلالة على الإيجاز والإطناب فيكون بالغا فى الحسن، ومثاله إذا قيل: كم أصحاب الكسا، فقيل خمسة، وكم المبشرون بالجنة من الصحابة، فقلت عشرة، فهذا بيان متوسط.
[الصنف التاسع: الإيضاح]
وهو إفعال من أوضحت الكلام إذا بينته ودرهم وضح، إذا كان مضروبا، فاشتقاقه من الظهور، يقال وضح الفجر إذا كان بينا، وفى مصطلح علماء البيان عبارة عن أن يرى فى كلامك لبسا يكون موجها، أو خفى الحكم فتردفه بكلام يوضح توجيهه ويظهر المراد منه، فهذان وجهان، الوجه الأول أن يكون الذى يؤتى به من الكلام موضحا لتوجيهه، ومثاله قول الشاعر: