وحادى عشرها: [المجاورة] ،
وهذا كنقل اسم الرّاوية، من ظرف الماء إلى ما يحمل عليه من الجمل وغيره. ونحو تسمية الشراب بالكأس لأجل مجاورته له.
وثانى عشرها: [إطلاق لفظ الدابة على الحمار]
، فإنه كان بالوضع اللغوى لكل ما يدبّ، كالدودة، والنملة ثم تعورف على قصره على ذوات الأربع من الدوابّ، فإذا قصر من ذوات الأربع على الحمار، كان هذا مجازا بالإضافة إلى العرف لا محالة.
وثالث عشرها: [المجاز بالزيادة] ،
كقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
[الشورى: ١١] فالكاف ههنا مزيدة، لأنها لو أسقطت لاستقام الكلام، فلهذا كان مجيئها للزيادة المجازية
ورابع عشرها: [المجاز بالنقصان] ،
وهذا كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ
[يوسف: ٨٢] فإن المراد أهل القرية، ولهذا فإنه لو جىء بها لصحّ الكلام واستقام.
وخامس عشرها: [تسمية المتعلّق باسم المتعلّق] ،
كتسمية المعلوم علما، والمقدور قدرة، كما قال تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ
[البقرة: ٢٥٥] أى معلومه، وقولهم هذه قدرة الله، أى مقدوره.
فهذه جميع الوجوه المجازية فى الألفاظ المفردة، وأكثر أهل التحقيق معترفون بإثبات المجازات المفرد، وقد أنكرها بعضهم، والحجّة على ما قلناه، هو أن أهل اللغة قد استعملوا الأسد، فى الرجل الشجاع، وفى البليد الحمار، مع اعترافهم بأن لفظ الأسد، والحمار، موضوعان فى أوّل الأمر على هذين الحيوانين، وإنما أطلقوهما على ما ذكرناه على جهة المجاز، لما بين مفهوميهما وبين هذين الأمرين من المشابهة، وهذا هو مرادنا من المجاز.
واحتجّ المنكرون للمجاز فى المفردات بأن اللفظ لو أفاد المعنى على وجه المجاز لكان إما أن يفيد مع القرينة المخصوصة، أو بدون القرينة، والأول باطل، لأنه مع القرينة المخصوصة لا يفيد خلاف ذلك، وعلى هذا يكون مع تلك القرينة حقيقة، لا مجازا، وهو بدون القرينة غير مفيد أصلا، فلا يكون حقيقة، ولا يكون مجازا، فحصل من مجموع ما ذكرناه، على هذا التقدير أن اللفظ لا يكون مجازا لا حال القرينة، ولا حال عدم القرينة، وهذا هو مطلوبنا.
والجواب أن اللفظ الذى لا يفيد إلا مع القرينة هو المجاز بعينه، ولا يقال: بأن اللفظ مع القرينة يصير حقيقة فيما دلّ عليه لأن دلالة القرينة ليست دلالة وضعية، حتى يحصل المجموع لفظا دالا على المعنى، وإنما دلالتها عقلية، فإن سلموا ما ذكرناه، فهو المجاز، وإن زعموا أنه يكون حقيقة بما ذكروه، كان خلافا فى العبارة.