[القسم الثانى فى الأوصاف التابعة للمحسوسات، وذلك أمور ثلاثة]
أولها الأشكال، وليس يخلو حالها، إما أن تكون على جهة الاستقامة، وهذا نحو تشبيه حسن القامة بالرماح فى الطول، وبخوط البان، فى حسن التكسر والتثنى، وإن كان على جهة الاستدارة، فمثل تشبيه القطعة من العجين بالكرة، ونحو تشبيه الأمر المعضل بالحلقة المبهمة، فى أنه لا يهتدى لصوابه، وثانيها الاشتراك فى المقادير، وهذا نحو تشبيه عظيم الخلق بالجمل، والفيل، ونحو تشبيه من يسند إليه معظم الأمور بالجبل، وتشبيه من يستقيم فى أمره بالقدح، والميل، وثالثها الاشتراك فى الرخاوة، والصلابة، واللين، كتشبيه الشىء الصلب بالحديد، والأحجار، ونحو تشبيه الشىء الرخو بالحرير، والقطن، إلى غير ذلك وإنما ألحقنا هذه الأمور بالحسيات، لأنها مختصة بها، وأكثر ما تكون فى الأجسام كما مثلناه.
[القسم الثالث فى الأوصاف العقلية]
وهذا نحو تشبيههم المرض الشديد بالموت، ونحو تشبيههم العافية بالملك، والقناعة بالمال، والفقر بالكفر، والسفر بالعذاب، والسؤال للخلق بالموت فى أكثر الحوائج والضلال عن الحق بالعمى، والاهتداء إلى الخير بالإبصار، وكما شبهوا الجود بالمطر، والوابل، ومثلوا الأنامل بالشآبيب من الغيث، ومثلوا العدو الشديد بالطيران، وكقوله تعالى: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ
[الحج: ٣١] مثّل حال من تلبس بالشرك واعتقده وشرح به صدره، بمنزلة من سقط من السماء فقطعته الطير، أو أبعدته الريح فى أبعد ما يكون وأقصاه، شبه الشرك فى بعده، وتلاشيه، وبطلانه، وزواله، بهذه الأمور التى هى النهاية فى البعد والبطلان.