[الضرب الثالث فى بيان الأمور المختصة بالمفعول]
أما ذكره فمن أجل البيان، كقوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
[البقرة: ٤٠] ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي
[البقرة: ١٥٢] وقوله تعالى: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ
[الأعراف: ١٦٣] ، فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ
[الإسراء: ١٠١] ظاهرا ومضمرا، ومشار إليه، كقولك: اضرب هذا، وموصولا كقوله تعالى: فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ
[يونس: ٩٤] .
وأما حذفه فهو على نوعين، فالنوع الأول أن يحذف لفظا ويراد معنى وتقديرا، وهذا كقوله تعالى: فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)
[الأنعام: ١٤٩] والتقدير فيه لو شاء هدايتكم لهداكم، لكنه حذف لما كان سياق الكلام دالا عليه، وهكذا قوله تعالى: (وما عملت أيديهم) «١» أى عملته، وقوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
[القصص: ٦٨] والتقدير ما كان لهم الخيرة فيه، وقد يحذف للتعميم مع إفادة الاختصار، كقول من قال: قد كان منك ما يؤلم أى كل أحد، وعليه دل قوله تعالى:
وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ
[يونس: ٢٥] أى كل أحد، فحذف لدلالة الكلام عليه، ومن هذا ما يكون محذوفا على طريق الاختصار، نحو أصغيت إليه، أى أذنى، ومنه قوله تعالى: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ
[الأعراف: ١٤٣] أى أرنى ذاتك، وقد يحذف رعاية للفاصلة كقوله تعالى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣)
[الضحى: ٢] والتقدير وما قلاك، لكنه حذفه ليطابق ما قبله من الفاصلة، وقد يحذف لاستهجان ذكره كما حكى عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت: ما رأيت منه ولا رأى منى، والمراد العورة، فهذا تقدير ما يحذف لفظا، ويراد من جهة المعنى.
وأما النوع الثانى وهو ما يحذف ويجعل كأنه صار نسيا منسيا، فهو على وجهين، أحدهما أن يجعل الفعل المذكور كناية عنه متعديا كقول البحترى:
شجو حسّاده وغيظ عداه ... أن يرى مبصر ويسمع واعى «٢»