[النظر الأول فى التشبيه]
يتحصل المقصود منه بأن نرسم الكلام فى أربعة أطراف.
[الطرف الأول فى بيان آلاته]
وهى الكاف، وكأنّ ومثل، فالكاف فى نحو قوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)
[الفيل: ٥] ونحو قوله تعالى: أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ
[إبراهيم: ١٨] وقوله تعالى: كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ
[يونس: ٢٤] .
وأما «كأن» فكقوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)
[الرحمن: ٥٨] وقوله تعالى:
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩)
[الصافات: ٤٩] .
وأما «مثل» فكقوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً
[البقرة: ١٧] وقوله تعالى:
إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ
[يونس: ٢٤] وقوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
[الجمعة: ٥] فحاصل الأمر أن التشبيه بالإضافة إلى آلته، يرد على وجهين، أحدهما أن يكون واردا على جهة الإنشاء، كقوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)
وغير ذلك، والغرض بكونه إنشاء، أنه لا يحتمل صدقا ولا كذبا، وثانيهما أن يكون واردا على جهة الإخبار، كقوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً
وقوله تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ
[الأعراف: ١٧٦] إلى غير ذلك مما يكون واردا على طريقة الإخبار، وهما مستويان فى الإفادة لمقصود التشبيه وإن اختلفا فيما ذكرته.
[الطرف الثانى فى بيان الغرض من التشبيه]
اعلم أن الغرض من حال التشبيه أن يكون المشبه به أعظم حالا من المشبه فى كل أحواله، وقد يأتى على العكس كقول من قال:
وبدا الصّباح كأنّ غرته ... وجه الخليفة حين يمتدح «١»
فبالغ حتى جعل المشبه أعلى حالا من المشبه به، فى الوضوح والجلاء، لأن الغالب فى