ويحكى عن «واصل» وكان من المفلقين فى طلاقة اللسان وذلاقته، أن رجلا قال له يمتحنه بالفصاحة وقد عرف أن فى لسانه لثغة فى مخرج الراء: قل: رجل ركب فرسه وجر رمحه، فقال له: غلام اعتلى جواده، وسحب ذابله، فما أجاب به أفصح وأسلس مما امتحن، بنطقه، وما ذاك إلا لأجل الطلاقة فى اللسان، والبراعة فى جودة الذكاء والفطنة.
[النوع الخامس فيما ورد من التشبيه من المنظوم]
فمن ذلك ما قاله امرؤ القيس:
كأن ثبيرا فى عرانين وبله ... كبير أناس فى بجاد مزمل
وقال:
كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ... من السيل والغثاء فلكة مغزل
وقال عمرو بن كلثوم:
وما منع الضغائن مثل ضرب ... ترى منه السواعد كالقلينا
والقلة خشبة صغيرة قدر ذراع، يضرب بها وقال:
إذا ما رحن يمشين الهوينى ... كما اضطربت متون الشاربينا
وقال لبيد:
ولها هباب فى الزمام كأنها ... صهباء راح مع الجنوب جهامها
وقال ذو الرمة:
كحلاء فى برج صفراء فى دعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب
والبرج: النماء والزيادة، وقيل إن هذه اللفظة نبطية، وليست فصيحة، وقال آخر:
سود ذوائبها بيض ترائبها ... محض ضرائبها صيغت من الكرم
وقال البحترى:
ذات حسن لو استزادت من الحس ... ن إليه لما أصابت مزيدا
فهى كالشمس بهجة والقضيب ال ... لدن قدا والرئم طرفا وجيدا
وقال آخر:
تردد فى خلقى سؤدد ... سماحا مرجى ويأسا مهيبا
فكالسيف إن جئته صارخا ... وكالبحر إن جئته مستثيبا