وهو تفعيل من قولهم علقت السقاء، وعلقت القوس، اذا شددتهما بغيرهما، وهو فى لسان علماء البيان مقول على حمل الشىء على غيره لملازمة بينهما، ثم هو وارد على وجهين أحدهما أن يكون التعليق بالشرط للدلالة على المبالغة، ومثاله قول أبى تمام:
فإن أنا لم يحمدك عنى صاغرا ... عدوّك فاعلم أنّنى غير حامد «١»
فعلق عدم حمده بمن يمدحه على عدم حمد عدوه على وجه الكره منه، لكن حمد عدوه موجود لأجل مدائحه وترددها على لسانه، فلا جرم كان حمده موجودا، وثانيهما أن يأتى بشىء من المعانى بمقصد تام توطئة لما يريد ذكره بعده من معنى آخر، وهذا كقول أبى نواس يهجو رجالا:
لهم فى بيتهم نسب ... وفى وسط الملا نسب
لقد زنّوا عجوزهم ... ولو زنيتها غضبوا «٢»
فعلق هجوهم بالسّخف والحماقة، فصدّره بهجو أبيهم حيث لم يرضوا الانتساب إليه لدناءته وادّعوا غيره، وعلّق عليه هجو أمهم لكونها زانية لا تنزه عن إتيان الفاحشة. ومن البديع النادر فن يقال له المتزلزل، وحاصله أن يندرج فى الكلام لفظة لو غير إعرابها لا نتقل المعنى إلى غيره، وقيل له هذا اللقب لأنه غير ثابت القدم، لأنك بينا تراه على صورة إذ خرج إلى صورة أخرى، ومنه قولهم فلان متزلزل، إذا كان على غير ثبات ولا استقرار، ومثاله قولنا: ولّد الله عيسى، فإنك إذا شدّدته كان معناه مستقيما، لأن المعنى فيه أنه ولّده، أى أخرجه من بطن أمه بتوليده لها، وإذا خفّفته كان كفرا صريحا، لقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ
[فاطر: ٢٨] فلو رفعت اسم الله تعالى لكان خطأ، لأن الله تعالى:
لقدرته على كل الممكنات فإنه لا يخشى أحدا، ولو نصبته لكان المعنى مستقيما بمعنى أنه لا يخشاه من الخلق أحد سوى العلماء، فإن الخشية مقصورة عليهم له، وهكذا القول فيما شاكله.