أنواع الحيوانات والنبات والفواكه والأشجار والمعادن، وأنها صارت موضعا ومستقرا لهم يتقلبون فى منافعهم ودفع مضارهم عليها، وسهل لهم من سلوك مناكبها فى البر والبحر.
[المرتبة الثالثة الإشارة إلى المكونات الحاصلة بين السماء والأرض]
من نزول الأمطار لإحياء الأرض ونمو الثمار والزروع وتصريف الرياح فى مهابّها للمصالح الأرضية كلها، واختلاف الليل والنهار وما ناط بالسماء من هذه الكواكب النيرة، الشمس والقمر والنجوم، وجعلها إعلاما للخلق، واهتداء إلى مصالحهم، وما بث فيها من الحيوانات العظيمة على اختلاف أجناسها وأنواعها، فقد أشار إلى ما ذكرناه من هذه التفاصيل فى هذه الآية على أتم نظام وأعجب سياق، ولو آثر الإيجاز على ذلك لقال تعالى (إنّ فى خلق المكونات لآيات للعقلاء) وثانيها مجيئه على جهة التتميم ومثاله قوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى
[البقرة: ٢٣٨] فقوله: وَالصَّلاةِ الْوُسْطى
إطناب على جهة التتميم لما قبله، ومنه قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ
[البقرة: ٩٨] فذكره لهما إطناب على جهة التتميم لما سبق، وقوله تعالى: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦)
[طه: ٢٥- ٢٦] فإنما كرر ذكر الجار والمجرور فى قوله «لى» إطنابا على جهة التتمة والتكملة لما قبله، وثالثها مجيئه على جهة التذييل، ومعناه تعقيب جملة بجملة توكيدا لمعنى الأولى وإيضاحا لها، ومثاله قوله تعالى: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (٨١)
[الإسراء: ٨١] فقوله: إن الباطل كان زهوقا، خارج مخرج المثل تقريرا لما سلف من ذكر الجملتين قبله، وقوله تعالى: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي «١» إِلَّا الْكَفُورَ (١٧)
[سبأ: ١٧] فقوله: وَهَلْ نُجازِي
وارد على جهة الإطناب، تذييلا لما قبله من الجملة على جهة الإيضاح، وهكذا يكون ورود الإطناب فى شرح حقائق الوعد لأهل الجنة، والوعيد لأهل النار بذكر ما يليق بكل واحد منهما من الأوصاف، وإذا أمعنت فيه فكرتك، وجدته كما شرحت لك من الإطناب الطويل والشرح الكثير.