بال، ولا يشعر به، والصورة الثانية: أن يكون تقديمه على جهة الاختصاص بالخبر الفعلى، وذلك يكون على وجهين، أحدهما أن يكون واردا على جهة التخصيص، ردّا على من زعم أنه انفرد بالفعل، أو شارك فيه فى نحو قولك: أنا سعيت فى حاجتك، ويؤكد الأول بنحو قولك: لا غيرى، دفعا لمن زعم انفراد غيره به ويؤكد الثانى بنحو قولك:
وحدى، دفعا لمن زعم المشاركة، وثانيهما أن يكون مفيدا للاختصاص مع توهم المشاركة فى نحو قولك: ما أنا قلت ذاك، والمعنى إنى لم أقله مع كونه مقولا، ولهذا فإنه لا يصح أن يقال: ما أنا قلت ذاك ولا غيرى، لما كان متحققا أن يقوله سواك، وقد يكون مقدما على جهة التقوى للحكم فى مثل قولك: أنت لا تكذب، فإنه أبلغ وأشد لنفى الكذب من قولك: لا تكذب، من جهة أنه قدم ذكر المسند إليه، وأتى بالقضية السلبية على إثره مسندا لها إليه، فمن أجل ذلك كان مفيدا للمبالغة، بخلاف الصورة الثانية، ومما يكون تقديمه كاللازم، غير، ومثل، كقولك مثلك لا يبخل، وغيرك لا يجود، لأن المعنى فيه أنت لا تبخل، وأنت تجود، فتأتى به مجردا من غير تعريض لغير المخاطب، فمن أجل ذلك كان مفيدا للمبالغة، وتاسعها تأخيره، إما لاتصال حرف الاستفهام بالخبر كقولك: أين زيد، ومتى القتال، كما سنقرره فى وجه تقديم المسند به، وإما على جهة الإنكار على من يزعم خلاف ذلك فى نحو قولك: قائم زيد، فإنه يكون واردا، إنكارا على من ظن خلاف ذلك، فيقدمه تنبيها عليه، وإما على جهة الاهتمام والعناية فى نحو قولك: نعم رجلا زيد، على رأى من زعم أن رفع زيد على الابتداء، وما تقدم خبره، فأما من قال: إنه مرفوع على أنه خبر مبتدأ فهو خارج عن التمثيل.
وعاشرها التثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، فى نحو قوله تعالى: مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ
[الفتح: ٢٥] وقوله تعالى فى التذكير والتأنيث وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
[المائدة: ٣٨] الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي
[النور: ٢] فهذه أحوال عارضة للمسند إليه، تعرض لمعان وأغراض وتفيد فوائدها كما ترى فى مواقع الخطاب بحسب الأغراض، فهذا ما أردنا ذكره فيما يتعلق بأحوال المسند إليه والله أعلم.