[البقرة: ١٨٤] فإنما جاز ذلك من أجل «أن» لأنها فى تأويل المصدر أى صومكم، ومن المواضع التى يصح فيها حذف الخبر قولك: لولا زيد لكان كذا، ومنه قولهم: لولا علىّ لهلك عمر، والقصة مشهورة فإن عمر أراد أن يرجم حاملا لما زنت، فقال له أمير المؤمنين على هذا سلطانك عليها، فما سلطانك على ما فى بطنها، فكف عن ذلك، وقال «لولا على لهلك عمر» وهذا صحيح، فإن قتل الجنين من غير بصيرة خطأ عظيم، وفى الحديث «من أعان على قتل رجل مسلم ولو بنصف كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آئس، من رحمة الله» وكما يكون الخبر مفردا فقد يكون جملة، والأصل أن يكون مفردا، وحذف الخبر أكثر من حذف المبتدأ، ووجه ذلك هو أن المبتدأ طريق إلى معرفة الخبر، فإذا كان الخبر محذوفا، ففى الكلام ما يدل عليه وهو المبتدأ، وإذا حذف المبتدأ لم يكن فى الكلام ما يدل عليه؛ لأن الخبر لا يكون دليلا على المبتدأ.
ومن المواضع التى تحتمل أن يكون المحذوف فيها، إما المبتدأ، وإما الخبر قوله تعالى:
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
[يوسف: ١٨] فيحتمل أن يكون المبتدأ محذوفا، وتقديره فأمرى صبر جميل، ويحتمل أن يكون من باب حذف الخبر، وتقديره فصبر جميل أجمل، وحذف الخبر وإن كان واردا على جهة الكثرة، لكن حذف المبتدأ ههنا يكون أبلغ، لأن الآية وردت فى شأن «يعقوب» فلابد من أن يكون هناك اختصاص به، فإذا كان تقديره فأمرى صبر جميل كان أخص به وأدخل فى احتماله للصبر واختصاصه به، وقد يحذف المبتدأ والخبر جميعا إذا دل عليهما دليل، وهذا كما يقال أزيد قائم، فتقول: نعم أى نعم زيد قائم فحذفا لما دل قولك نعم عليهما، وكقوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ
[الطلاق: ٤] لأن تقديره واللّائى لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر، وهذا لا يكون إلا مع القرينة الدالة على ذلك، فهذا ما أردنا ذكره فى الإيجاز بحذف المفردات فى هذه الأنواع السبعة وبالله التوفيق.