للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبلغ فى الإعذار من تقدم بالإنذار، فالإعذار والإنذار مختلفان لفظا متماثلان فى الزنة، ومن كلام أمير المؤمنين كرم الله وجهه فى ذلك قوله: «حتى إذا انصرمت الأمور، ونقصت الدهور، وأزف النشور، أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور» ، وقوله:

«رعيلا صموتا قياما صفوفا» ، وقوله: «واحمر العرق، وعظم الشفق» ، فهذه الألفاظ متماثلة فى الأوزان مختلفة فى الألفاظ، وقوله: «وبادر من وجل، وأكمش فى مهل، ورغب فى طلب، فكفى بالله منتقما ونصيرا، وكفى بالقرآن حجيجا وخصيما» ، وقوله:

«وحذركم عدوا نفذ فى الصدور خفيا ونعب فى الآذان نجيا، إلى غير ذلك من الأمثلة الواردة فى كلامه على التقرير الذى ذكرناه، ومن الأمثال المنظومة قول أبى تمام «١» :

مها الوحش إلّا أنّ هاتا أوانس ... قنا الخط إلّا أنّ تلك ذوابل

فقوله أوانس وذوابل من الموازنة اللفظية، لأن أوزانهما متماثلة على فواعل، ومن هذا قول البحترى «٢» :

فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا ... وأقدم لما لم يجد عنك مهربا

فالمهرب والمطمع متماثلان فى الزنة، ومن ذلك ما قاله بعض الشعراء:

بأشدّهم بأسا على أعدائه ... وأعزّهم فقدا على الأصحاب

فقوله بأشدهم وأعزهم وقوله بأسا وفقدا متماثلان فى الأوزان ومن ذلك ما قالته الخنساء فى أخيها صخر ترثيه «٣» :

حامى الحقيقة محمود الخليلقة ... ميمون الطريقة نفّاع وضرّار

جوّاب قاصية جزّاز ناصية ... عقّاد ألوية للخيل جرّار

فقولها محمود، وميمون، من الموازنة وقولها نفاع وضرار، وجواب وجزاز وعقاد، من الموازنة أيضا، ولنكتف بهذا القدر فى الموازنة ففيه كفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>