إنّ العيون التى فى طرفها حور ... قتلننا ثمّ لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّب حتى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله إنسانا
وقد يستعمل مضافا كما ورد فى الحديث فى ذكر النساء ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن يا معشر النساء، فأحسن استعمالاته ما ورد على ما ذكرناه، فأما استعماله مفردا عن اللام والإضافة فلا يكون حسنا، وإذا تأملت القرآن وسائر الكلام الفصيح وجدتها على ما ذكرناه، وثامنها: لفظة «طيف» وهو طيف الخيال، فإنها لا تستعمل إلا مفردة، واستعمالها مجموعة فيه ركة وثقل على اللسان، لأن جمعها إما أطياف، وإما طيوف، وكلاهما فيه بشاعة، وهى تخالف أختها وهى قولنا «ضيف» فإنها تفيد رقة ولطافة، ومن أجل هذا استعملت مفردة كقوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ
[الذاريات: ٢٤] ومثناة كقولك: ضيفان، ومجموعة كقولك: ضيوف وأضياف، وهذا من عجائب الصيغة ودقيق الأسرار العجيبة، حيث كان ههنا لفظتان مستويتان فى العدة والوزن، فاستعملت إحداهما على ما ذكرناه دون الأخرى، وهذا مما يعلمك أن السر فى ذلك هو الذوق السليم والطبع المستقيم فى التفرقة بين اللفظتين، وتاسعها: لفظة «الصوف» فإن استعمالها مجموعة هو الفصيح كقوله تعالى: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها
[النحل: ٨٠] واستعمالها مفردة ليس لائقا بالفصاحة، ومن أجل هذا لما احتيج إلى استعمالها مفردة جاء بما يخالفها فى لفظها كقوله تعالى: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)
[القارعة: ٥] والعهن هو الصوف، فبدلها لما كانت غير فصيحة فى الإفراد، وفى قراءة ابن مسعود «كالصّوف المنفوش» فانظر ما بين العهن والصوف من التفاوت فى الذوق والرقة والرشاقة، وعاشرها: لفظة «الأمّة» بالضم، فإنها الجماعة من الناس وهى كلمة فصيحة قال الله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً
[القصص: ٢٣] بخلاف الإمة بالكسر وهى النعمة، فإنها غير فصيحة، ولهذا لا تكاد تستعمل فى كلام فصيح، وحكى ابن الأثير أن صاحب الفصيح كان له إملاء سماه الفصيح أوردها فيه واستحسنها، وقد أنكر عليه فى إعجابه بها ولعمرى إن ما قاله