يكون خطابا جزلا وقولا فصلا لا هزلا قال تعالى: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ
[الكهف: ٤٧] إلى آخر الآية، وقال تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ
[الزمر: ٦٨] إلى آخر السورة وقوله تعالى:
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ
[الأعراف: ١٣٣] وقوله تعالى: فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)
[الأنعام:
٤٤] وقوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
[التوبة: ٥] .
وأما الرقة فهو ما كان مستعملا فى الملاطفة والاستعطافات، وأنواع الترحم، ومحادثة القلوب، بذكر الله تعالى إلى غير ذلك، وذلك نحو قوله: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢)
[الشرح: ١، ٢] إلى آخرها وقوله تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
[البقرة: ١٨٦] إلى آخر الآية وقوله تعالى: وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣)
[الضحى: ١، ٢، ٣] إلى غير ذلك من مواقع الملاطفة والإبذان بالرحمة والتقريب للعباد وإعلامهم بعظيم الرحمة والمغفرة.
المثال الثانى: ما ورد فى السنة النبوية على مثال ذلك وحذوه، أما الجزالة فكما قال عليه السلام: «يا بن آدم تؤتى كل يوم برزقك وأنت تحزن، وينقص كل يوم من عمرك وأنت تفرح، أنت فيما يكفيك وتطلب ما يطغيك لا بقليل تقنع، ولا من كثير تشبع» وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أما رأيت المأخوذين على الغرة المزعجين بعد الطمأنينة، الذين أقاموا على الشبهات، وجنحوا إلى الشهوات، حتى أتتهم رسلهم، فلا ما أمّلوا أدركوا، ولا إلى ما فاتهم رجعوا، قدموا على ما عملوا، وندموا على ما خلفوا، ولن يغنى الندم، وقد جف القلم» فانظر إلى ما اشتمل عليه هذا الكلام من جزالة اللفظ.
وأما الرقة فكقوله صلّى الله عليه وسلّم «كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، واعدد نفسك فى الموتى، فإذا أمسيت فلا تحدثها بالصباح، وإذا أصبحت فلا تحدثها بالمساء، وخذ من صحتك لسقمك، ومن شبابك لهرمك، ومن فراغك لشغلك» . وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «رحم الله امرأ تكلم فغنم، أو سكت فسلم، إن اللسان أملك شىء للإنسان» إلى غير ذلك من الرقائق فى كلامه وأنواع الملاطفات.
المثال الثالث: ما ورد من كلام أمير المؤمنين، كرم الله وجهه فإنه قد تفنن فى أساليب