للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذِي سطور قد كَتَبْتُ حروفها … بالحُب والإشفاق للإخوانِ

والنصح منكم يا أَحبةُ مَطْلَبِي … ليَزول ما في القول من نقصانِ

ولتستروا خَلاتنا ولتصفحوا … فالصفح منكم غاية الإحسانِ

واللهَ أسأل أن يُعمِّم نفعها … وتصير خير زاد للركبانِ

ثم الصلاة على النبي محمد … ما طاف معتمر على الأركانِ

فالحج عبادة عظيمة، مِنْ أَجَلّ العبادات، وقربة من أعظم القربات، فيه الانطراح بين يدي الواحد العَلَّام، وتجديد العهد مع الله على الإسلام، وبه تُمْحَى الخطايا والآثام، ويُباهِي الله تعالى بعباده ملائكته الكرام، وقبل ذلك وبعده الركن الخامس من أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام، وشَهِد النص بأنه من أفضل الأعمال وأنه من الجهاد، ويَهدم ما كان قبله من الذنوب والآثام، وأن المتابعة بينه وبين والعمرة تَنفي الفقر والذنوب كما يَنفي الكِير خَبَث الحديد.

فالحج عبادة تُفْضِي بالعبد إلى مغفرة الذنوب، وتُخَلِّصه من ماضٍ تراكمت فيه الأوزار، وتفاقمت فيه الشرور والآثام والخطايا، التي تنوء بها الجبال، فيرجع بذلك العبد إلى أهله بعد أداء حجه طاهر القلب، زكي النفس، مشرق الرُّوح، نقي الوجدان، نظيف الظاهر والباطن من الذنوب، مستقيمًا على هَدْي الفطرة، كما قال : «مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

وإن مما يُفرح القلب، ويَشرح الصدر، ويُمتع الأرواح، ويبعث الأمل- ذلك الإقبال العالمي، ولا سيما في شهر الغفران وحج بيت الحرام.

مُتدفِّقون كأنهم أنهارُ … أَنَّى اتجهتَ جلالةٌ ووقارُ

فالناظر يرى تباشير النصر والتأييد والعز والتمكين لهذه الأمة.

لَبَّيْكَ فاح الكون من نَفَحاتها … وتَعَطَّرَتْ منها ربوع الوادي

هذا الرحيل إلي ربوع لم تَزَلْ … تُهْدِي إلى الدنيا براعة هادِ

فهل رأيتَ لباسًا قَطُّ أَجَلَّ من لباس المُحْرِمين؟ وهل رأيتَ رُءوسًا أعز من رءوس المُحَلِّقين؟ وهل مَرَّ بك رَكْبٌ أشرف من ركب الطائفين؟ وهل مَرَّ بك مشهد كمشهد ليلة سبع وعشرين؟

<<  <   >  >>