للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول الرجل: «اكْتُتِبْتُ» يدل على أنه قد وجب عليه الجهاد، ولا يأمره النبي بترك الجهاد الواجب إلا بفعل واجب أعظم منه، وهو السفر مع امرأته ليحج معها؛ لأنه لا يَجوز لها السفر بغير مَحْرَم.

وأما المعقول، فالْمَرْأَةَ مُعَرَّضَةٌ فِي السَّفَرِ لِلصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَتَحْتَاجُ إِلَى قَيِّمٍ يَقُومُ عَلَيْهِا، وَغَيْرُ الْمَحْرَمِ لَا يُؤْمَنُ وَلَوْ كَانَ أَتْقَى النَّاسِ؛ فَإِنَّ الْقُلُوبَ سَرِيعَةُ التَّقَلُّبِ، وَالشَّيْطَانَ بِالْمِرْصَادِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ : «مَا خَلَا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا» (١).

القول الثاني: جواز سفر المرأة في حج الفريضة بغير مَحْرَم، إذا وَجَدَتْ رُفقة مأمونة. وهو مذهب المالكية، والشافعي في الصحيح عنه، ورواية عن أحمد (٢).

واستدلوا بالكتاب والسُّنة والمأثور والمعقول:

أما الكتاب، فاستدلوا بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾.

وَجْه الدلالة ما قاله الشافعي: وَإِذَا كَانَ فِيمَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّبِيلَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجِدُهُمَا، وَكَانَتْ مَعَ ثِقَةٍ مِنَ النِّسَاءِ فِي طَرِيقٍ مَأْهُولَةٍ آمِنَةٍ، فَهِيَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ عِنْدِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ (٣).

ونوقش بأن الحديث الذي يُحَدِّد الاستطاعة بالزاد والراحلة- ضعيف. ولو صح


(١) «شرح العمدة» (١/ ١٧٤ - ١٧٧).
(٢) «موطأ مالك» (١/ ٥٦٩)، و «الإيضاح» (ص: ٩٧)، و «المغني» (٥/ ٣١).
(٣) «الأم» (٣/ ٢٩١).

<<  <   >  >>