للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعتُرض عليه بأن لفظة (العمرة) ضعيفة.

واستدلوا بقول النبي : «إِنَّ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَرِيضَتَانِ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ» (١).

واستدلوا بما رُوي عن أبي رَزِين العُقيلي، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ وَلَا العُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ. قَالَ: «حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» (٢).

وَجْه الدلالة: أن قوله : «واعتَمِر» صيغة أمر بالعمرة، مقرونة بالأمر بالحج، فأفادت صيغة الأمر الوجوب.

واعتُرض عليه بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ؛ إذِ الْأَمْرُ فِيهِ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ فِعْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَنْهُ؛ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ (٣).


(١) ضعيف، ومداره على محمد بن سيرين، واختُلف عنه في الرفع والوقف:
فرواه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف، عن ابن سيرين، به، مرفوعًا، أخرجه الدارقطني (٢٧١٨).
ورَوى الدارقطني (٢٧١٩) مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ هِشَام بْن حَسَّانَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ سُئِلَ عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ، فَقَالَ: «صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكُ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ». وإسناده صحيح، وابن سيرين قال البخاري: سَمِع زيد بن ثابت.
وقال الحافظ: وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثُمَّ هُوَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ زَيْدٍ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ أَيْضًا، وَإِسْنَادُهُ أَصَحُّ. «التلخيص» (٢/ ٤٣٠)، قال الحاكم: وَالصَّحِيحُ عَنْ زَيْدٍ قَوْلُهُ.
وله شاهد: عَنْ جَابِرِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الحَجُّ وَالعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ وَاجِبَتَانِ» أخرجه ابن عَدي في «الكامل» (١٠٠٠٨)، والبيهقي (٨٨٣٠) وقال: وَابْنُ لَهِيعَةَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ.
(٢) إسناده صحيح: رواه أحمد (١٦١٨٤)، والترمذي (٩٣٠)، وأبو داود (١٨١٠) من طرق: عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، بِهِ. قال الإمام أحمد: لَا أَعْلَمُ فِي إِيجَابِ العُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا، وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ. «السُّنن» للبيهقي (٩/ ٢٧٧).
(٣) «نَصْب الراية» (٣/ ١٤٨).

<<  <   >  >>