للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاجتماع حول هذه الكعبة المشرفة، حيث تُسْكَب العبرات، وتَتنزل الرحمات، وتُرْفَع الدرجات، وتقال العثرات، وتُكَفَّر السيئات، وتُغْفَر الذنوب والخطيئات.

فيا لها من مواقف تُهَذَّب فيها النفوس، وتَصْقُل فيها القلوب، وتحيا فيها الضمائر، وتصفو فيها المشاعر، ويَفرح بها أهل الإيمان!

عبدَ الله، إن من نعمة الله عليك زيارة البيت العتيق، يوم أن حُرِمه كثير من العالمين، فحالت بينهم وبينه المصائب والأقدار، ما بين مُقْعَد على الفراش، كانت زيارة البيت من أعظم مناه، فوافاه الأجل قبل رؤياه. وما بين فقير، ليس عنده من الزاد ما يُبلغه إياه. وما بين شارد تائه عن الله ورضاه. فاغتَنِم هذه الفرصة.

حُجاجَ بيت الله الحرام، اعلموا إن من أهم مقاصد الحج تحقيق التوحيد، فلقد أَوْدَع الله تعالى في مناسك الحج أعظم مظاهر التوحيد! ففي الطواف حول البيت العتيق يتجلى معنى الالتفاف حول الكعبة، فيجتمع حولها المسلمون ليُعلنوا توحيدهم لله ونَبْذهم لكل صور الشرك ومظاهر الوثنية، قال تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: ١٢٥].

يا نازلين بأرض مكة والحَرَمْ … والطائفين بركنه والمُلتزَمْ

هذي نصيحة مشفق مُتوجِّل … أَرْعِ لها سمعًا وبالنصح التَزِمْ

يا زائرًا للبيت تلك وصية … اشْدُد بها عضدًا وبالحق استَقِمْ

تلك الوصايا قد حواها ديننا … لنُشيد رفعتنا ونَبني ما انهدمْ

قد حاز هذا الدينُ كل فضيلة … شَهِدَتْ له حتى الفرنجة والعجمْ

ثم الصلاة على الذي بسماحة … مَلَك القلوب وقادها نحو القِممْ

يا حُجاج بيت الله الحرام، هل تذكرتم - وأنتم تَحلّون في رحاب هذا البيت العتيق- أباكم إبراهيم ، وابنه إسماعيل، وهما يَرفعان القواعد من البيت؟!

وهل تذكرتم نبيكم المصطفى محمدًا ، وهو يقوم بالدعوة إلى الله من هذه البقاع المقدسة؟!

هل تذكرتم كيف نَمَتْ دوحة الإيمان، وترعرعت دعوة الإسلام، التي حَمَلها رجال صَدَقُوا ما عاهدوا الله عليه؟!

<<  <   >  >>