للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم هل تفكرتم فيما آل إليه أمركم في هذا الزمان، وعَرَفتم ما السبب في ذلك الخِذلان؟

إنه-والله- التساهل في أمر هذا الدين، ووجود الخلاف والفُرقة بين أبناء المسلمين، هو الذي سبب تسلط أعداء الإسلام على أمة الإسلام، واحتلال مقدسات المسلمين وإحلال الفساد والدمار فيها.

هل تذكرتم- يا إخوة الإسلام، ويا أيها الحُجاج الكرام- وأنتم تنعمون في ظل هذا البيت الآمن- أخاه المسجد الأقصى المبارك الذي يئن تحت وطأة الاحتلال الغاشم، من أعداء الله ورسوله والمؤمنين.

حُجاج بيت الله، عَظِّموا شعائر ربكم وشرائعه ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢] واعقدوا العزم الأكيد على العمل بدينكم، مصدر عزكم ونصركم وسعادتكم في الدنيا والآخرة، واعلموا أن في أيام الحج صورًا وعظات، وعبرًا وآيات، واكتساب علم وخبرات، وحصول منافع ودفع سيئات، ودوام ذكر وعبرات، قال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: ٢٨].

عبادَ الله، إنَّ أَعْظَم أركان الحج: الوقوف بعرفة، فعن عَائِشَة: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟».

أراد هؤلاء رضا الرحمن، إنهم جاءوا يرجون الجنان، إنهم جاءوا من أقاصي البلدان يرجون العتق من النيران، إنهم جاءوا وَكُلهم وجل وخوف من الديان، وكأن كل واحد منهم يقول بلسان حاله:

إليك إلهي قد شددتُ رحاليا … وأقبلتُ في شوق أَبُثك ما بيا

أتيتُك بعد اليأس أدنو ملبيًا … إلى العفو ظمآنًا إلى الصفح صاديا

فلما استبد اليأس واستحكم الهوى … قصدتُك يا مولاي أطوي الفيافيا

أتيتُ إلى أفياء بيتك عَلَّني … أُريح ضميري من عناء شقائيا

فلَبَّيْكَ رَبَّ البيت لَبَّيْكَ ما سَرَى … إلى البيت عبد من عبيدك عانيا

رَأَى كل باب غير بابك مُوصَدًا … فآب إلى أعتاب بابك ثاويا

<<  <   >  >>