للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟ " قُلْنَا: لَا أَيُّنَا، يَا رَسُولَ اللهِ. قَال: "فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى قِبَلَ وَجْهِهِ. فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ. ولا عَنْ يَمِينِهِ. وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى. فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هكَذَا" ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَال: "أَرُونِي عَبِيرًا" فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ. فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ. فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

ــ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة ثانية (أيكم يحب أن يُعرض الله عنه؟ قال فخشعنا ثم قال) مرة ثالثة (أيكم يحب أن يُعرض الله عنه؛ قلنا) له (لا) يحب (أينا) أي أحد منا (يا رسول الله) أن يُعرض الله عنه في صلاته، ثم (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فإن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه) أي في الجهة المقابلة لوجهه يعني جهة القبلة وكون الله قبل وجه العبد صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (فلا يبصقن) أي يبزقن أي لا يرمين بصاقه من فمه (قبل وجهه) أي في الجهة المقابلة لوجهه (ولا) يبصقن (عن يمينه) تعظيمًا لجهتها لأنها مرتفعة عن الأقذار قاله القاضي لأن فيها كاتب الحسنات التي منها الصلاة (وليبصق عن يساره) لعدم شرفها لأنها جهة الأقذار ولكن يبصق (تحت رجله اليسرى) لئلا يؤذي من على يساره، والبصاق وكذا البزاق ما يجري من الفم منبعها تحت أصل اللسان (فإن عجلت به) أي غلبت عليه بصقة أو نخامة (بادرة) أي مسرعة (فلـ) يبصق في طرف ثوبه و (يقل) أي يدلك ذلك البصاق (بثوبه) دلكًا شديدًا (هكذا) أي لافًا بعضه ببعض حتى ينعدم البصاق، أو المعنى فليفعل بثوبه هكذا، وفيه استعمال القول بمعنى الفعل (ثم طوى) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ثوبه) أي لف طرفه (بعضه على بعض فقال) لمن عنده (أروني) أي أعطوني (عبيرًا) أي طيبًا مخلوطًا من أنواع، قال أبو عبيد: العبير عند العرب هو الزعفران وحده، وقال الأصمعي: هو أخلاط من الطيب تُجمع بالزعفران، قال ابن قتيبة: ولا أرى القول إلا ما قاله الأصمعي (فقام) من بين القوم (فتى) أي شاب (من الحي) أي من قبيل لقوم فمشى حالة كونه (يشتد) أي يسعى ويعدو عدوًا شديدًا (إلى أهله) وبيته (فجاء) ذلك الفتى من أهله (بخلوق في راحته) أي في كفه أي بطيب مخلوط من أنواع مختلفة يُجمع بالزعفران وهو العبير على تفسير الأصمعي فغلب عليه الحمرة والصفرة كانت تستعمله النماء (فأخذه) أي فأخذ (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>