للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الأبي: قوله (أفلا جعلته فوق الطَّعام) يدل على أنَّه صبرها لبيعها جملة دون كيل، أو كل قفيز بكذا، لأنه هو الذي يتأتى فيه الغش، ومن هذا النمط بيع التين والعنب سللًا، ويجعل الجيد في الأعلى، وهو مما ينبغي التقدم فيه، وللمشتري الرجوع على البائع، إذا قوي الخلاف بين الأعلى والأسفل، لأنه من الغش، وإن لم يقو فلا رجوع له، إذ ليس من الغش لأنه من الغرر اليسير، الذي لا تخلو منه البياعات، فصار كالمدخول عليه، وأما ما يتفق في المقاطع من جعل طاقة التقليب أحسن فليس من الغش، لأن المشتري لا يقتصر على تقليبها، نعم هو غش إن كان المشتري ممن يجهل ذلك كالبدوي.

ولم يأت في الحديث أنَّه أدبه، ولا أخرجه من السوق، فلعله ممن لم يتكرر منه ذلك فيكفي في أدبه القول.

وتحصيل القول في ذلك أن المغشوش إن تعذر تخليص الغش منه كالخبز الناقص، واللبن بالماء والثوب الخفيف النسج، والجلد الدنيء الدبغ، فما كان من ذلك بيده يريده لنفسه تُرك له، وإن كان ليبيعه، ولم يقصد به الغش كمن اشتراه ليبيعه، أو كان من صنعته، وغلبته الصنعة أو ذكر وجهًا يُعذر به، بيع عليه بعد البيان ممن يستعمله لنفسه، أو يُوضع عند أمين ليُباع على ذلك، وإن قصد به الغش، فقال ابن عتاب: يؤدب ويخرج من السوق، ليرتاح المسلمون منه، وقال أيضًا هو وابن القطان: يُحرق الثياب والجلد، واختلفا في الخبز الناقص، فقال ابن عتاب يتصدق به بعد الكسر، لاستحلالهم أموال الناس، وقال ابن القطان: لا يتصدق به، إذ لا يحل مال مسلم إلَّا بإذنه، واختار ابن المناصف: أن يُحسب ما غش به من نقص كيل أو وزن، أو غير ذلك من نوع الغش، ويتصدق به عن أربابه، لأنه لغير معين، ويؤدب بقدر اجتهاد الحاكم كالغاصب، ويشهد لابن عتاب قول مالك في سماع ابن القاسم: ويتصدق باللبن المغشوش، ويشهد لابن القطان قوله في غير هذا السماع: لا يُحِل ذنب من الذنوب مال مسلم اهـ أبي.

قوله: (من غش فليس مني) والغش ضد النصيحة، وهو بكسر الغين المعجمة، يقال: غَشه يَغِشه غشًّا وأصله من اللبن المغشوش، أي المخلوط بالماء تدليسًا اهـ مفهم. وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه حديث الصبرة شارك

<<  <  ج: ص:  >  >>