للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَصَابَتْهُ المَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ. قَال: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَي يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيسَ مِنِّي"

ــ

(أصابته) أي أصابت هذا الطَّعام (السماء) أي المطر (يا رسول الله قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أ) دسيته وأخفيته في الداخل (فلا جعلته) أي أفلا جعلت هذا البلل ظاهرًا (فوق الطَّعام) وأعلاه (كي يراه) أي لكي يرى ويُبصر هذا البلل (الناس) الذين أرادوا شراءه، فلا يغتروا بظاهره (من غش) الناس، ودس لهم الشر وأراد بهم الضرر، ولم ينصح لهم (فليس) ذلك الغاش (مني) أي من أهل ملتي وديني، إن استحل ذلك، أو ليس على سيرتي وهدي إن لم يستحل، على وفق ما تقدم من نظائره.

قوله (مر على صبرة) قال الأبي: الأظهر في مروره صلى الله عليه وسلم أنَّه يقصد إما لتفقد أمور المسلمين أو ليشتري ما يحتاج إليه، فعلى الأول يتأكد طلب مثله من الأئمة، أو يقيمون لذلك، وعلى الثاني ففيه رُجحان دخول أهل الفضل السوق لما يحتاجون إليه، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما يفعل الراجح، إلَّا أن يقال إنما فعله ليدل على الجواز، فيكون دليلًا على الجواز.

قال ابن رشد: ولا خلاف في عدم كراهته، وقال مالك: وكان من شأن الناس الخروج إلى الأسواق، والجلوس بها، كان ابن عمر ربما أتى السوق وجلس فيه، حتَّى قال يحيى بن سعيد: ما أخذت كثيرًا من حديث ابن المسيب وسالم إلَّا في السوق حيث يجلسون منه.

قال السنوسي: يترجح أو يجب في زماننا ترك الجلوس في الأسواق والطرقات لكثرة مناكرها، وعدم القدرة على تغييرها، والله تعالى أعلم.

و"الصبرة" الطَّعام المصبور، من الصبر وهو الحبس لأنها حُبست للبيع، وعبارة المفهم وصُبرة الطَّعام هي الجملة المصبورة أي المحبوسة للبيع، والصبر هو الحبس.

وقال النواوي: والصبرة -بضم الصاد المهملة وسكون الموحدة- الكومة المجموعة من الطَّعام، سُميت صُبرة لإفراغ بعضها على بعض، ومنه قيل للسحاب فوق السحاب صبير.

قوله: (أصابته السماء) والسماء هنا هو المطر، سُمي بذلك لنزوله من السماء، وأصل السماء كل ما علاك فأظلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>