للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ لأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا

ــ

والفلاة بفتح الفاء هي المفازة والقفر التي لا أنيس بها (يمنعه) أي يمنع ذلك الماء (من ابن السبيل) أي من المسافر المار على ذلك الماء، أي يمنع ابن السبيل من شرب ذلك الماء الفاضل عن حاجته قال النواوي: ولا شك في غلظ تحريم ما فعل، وشدة قبحه، فإذا كان من يمنع فضل الماء الماشية عاصيًا، فكيف بمن يمنعه الأدمي المحترم فإن الكلام فيه فلو كان ابن السبيل غير محترم كالحربي والمرتد لم يجب بذل الماء له اهـ.

قال القرطبي (قوله ورجل على فضل ماء بالفلاة) إلخ يعني بفضل الماء ما فضل عن كفاية السابق للماء وأخذ حاجته منه فمن وإن كذلك فمنع ما زاد على ذلك تعلق به هذا الوعيد، وابن السبيل: هو المسافر، والسبيل: الطَّرِيق، وسُمي المسافر بذلك لأن الطَّرِيق تبرزه وتظهره فكأنها ولدته، وقيل: سُمي بذلك لملازمته إياه، كما يقال في الغراب: ابن دأية لملازمته دأية البعير الدَّبِر لينقرها (والبعير الدَّبِرُ: هو الذي تقرحت دأيته، والدأية من البعير: هو الموضع الذي تقع عليه ظِلفة الرحل فيعقره) والفلاة: القفر كما مر.

وهذا هو الماء الذي قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن منعه بقوله: "لا يُمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" رواه البخاري، ومسلم، وأَبو داود، والتِّرمِذي، وابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في رقم (١٥٦٦) وقد أجمع المسلمون على تحريم منع ذلك لأنه منع ما لا حق له فيه من مستحقه، وربما أتلفه أو أتلف ماله وبهيمته، فلو منعه هذا الماء حتَّى مات عطشًا اقتص منه عند مالك، لأنه قتله كما لو قتله بالجوع أو بالسلاح.

قال الأبي: حمل الشراح هذا الماء على أنَّه غير مملوك الأصل، فهو من نوع ما قبله، فالصارف لهذا أيضًا كونه لا يملك أصله، وقد أخذ حاجته فمنعه، وقد استغنى عنه ككذب الملك مع ما فيه من تعريض مسلم للتلف اهـ.

(و) ثانيهم (رجل بايع) أي ساوم (رجلًا) آخر وباع له (بسلعة) أي ببضاعة معروضة للبيع (بعد (صلاة (العصر فحلف) أي حلف وأقسم الرجل الأول وهو البائع (له) أي للرجل الثاني وهو المشتري (بالله) أي باسم الله أو بصفته ليغره على أنَّه (لأخذها) أي لأخذ تلك السلعة واشتراها (بـ) ـثمن قدره (كذا) أي ألف ريال (وكدا) أي وخمسمائة، مع

<<  <  ج: ص:  >  >>