للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَالُوا أَزواجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَمَلِهِ في السرِّ؟ فَقَال بَعْضُهُم: لَا أتَزَوَّجُ النِّسَاءَ. وَقَال بعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَال بَعْضُهُمْ: لَا أنَامُ عَلَى فِرَاشٍ. فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ فَقَال: "مَا بَال أَقْوَامٍ

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكّر الناس وخوّفهم فاجتمع عشرة من الصحابة؛ وهم أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وأبو ذر وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد وسلمان وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعقل بن مقرن في بيت عثمان بن مظعون، فاتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل ولا يناموا على الفراش ولا يأكلوا اللحم ولا يقربوا النساء ويجبُّوا مذاكيرهم فإن كان هذا محفوظًا احتمل أن يكون الرهط الثلاثة هم الذين باشروا السؤال فنُسب ذلك إليهم بخصوصهم تارة وتارة للجميع لاشتراكهم في طلبه ويؤيد أنهم كانوا أكثر من ثلاثة في الجملة ما روى مسلم من طريق سعد بن هشام: أنه قدم المدينة فأراد أن يبيع عقاره فيجعله في سبيل الله ويجاهد للروم حتى يموت، فلقي ناسًا بالمدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطًا ستة أرادوا ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم فلما حدّثوه ذلك راجع امرأته وكان قد طلقها يعني بسبب ذلك، لكن في عدِّ عبد الله بن عمرو معهم نظر لأن عثمان بن مظعون مات قبل أن يهاجر عبد الله فيما أحسب اهـ فتح الملهم. (سالوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله) أي عن عبادته صلى الله عليه وسلم (في السر) أي في البيت، والمراد معرفة قدر عادة وظائفه في كل يوم وليلة حتى يفعلوا ذلك كذا في المرقاة، فلما سمعوا منهن عمله صلى الله عليه وسلم استقلوا أعمالهم (فقال بعضهم): هو عثمان بن مظعون اهـ من مبهمات مسلم (لا أتزوج النساء) لأنه شاغل عن كمال الجد في العبادة أي ولا واحدة منهن فإنه لفظ عام بخلاف قول الرجل: لا أتزوج نساء، فإنه جمع منكر، وحكمه كما بُيّن في محله أن يتناول الثلاثة وأكثر فلا تدخل فيه الواحدة ولا الثنتان، قال الأبي: يحتمل أن ذلك زهد منه عن الدنيا (وقال بعضهم): هو عبد الله بن عمرو بن العاص كما في مبهمات مسلم (لا آكل اللحم) لأنه يقوي البدن فلا يأمن الإنسان أن يزداد ميلًا إلى الشهوات وكسلًا عن الطاعات، قال الأبي: يحتمل أنه كناية عن الزهد عمومًا أو في المستلذات فقط (وقال بعضهم): هو أبو هريرة (لا أنام على فراش) يريد ترك النوم على وجه النعومة، لا تركه بالكلية فإنه لم يقل لا أنام (فـ) ـلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم هذا (حمد الله) سبحانه وتعالى (وأثنى عليه فقال: ما بال أقوام) أي ما

<<  <  ج: ص:  >  >>