للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْكَ"، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)} [التوبة: ١١٣]، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَال لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)} [القصص: ٥٦]

ــ

ما لم أُنه (فأنزل الله عز) أي اتصف بالعزة وجميع الكمالات (وجل) أي تنزه عن جميع النقائص ({مَا كَانَ}) ينبغي ({لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}) قال المفسرون: وهو خبر بمعنى النهي، ولو في قوله ({وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}) أي أصحاب قرابة لهم غائية لا جواب لها ({مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ}) وظهر ({لَهُمْ}) أي للنبي والمؤمنين ({أَنَّهُمْ}) أي أن المشركين ({أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}) أي النار بموتهم على الشرك.

قال الأبي: (فإن قلت) لو كان استغفار النبي صلى الله عليه وسلم عن اجتهاد لم تجئ الآية بخلافه لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم في اجتهاده (قلت) جاءت الآية على سبيل النسخ لا لتبيين ضد الخطإ (وأنزل الله) سبحانه و (تعالى) أيضًا النهي الضمني (في) خُصوص (أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ({إِنَّكَ}) يا محمد ({لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}) هدايته ({وَلَكِنَّ اللَّهَ}) سبحانه وتعالى ({يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}) ويريد هدايته ({وَهُوَ}) سبحانه وتعالى ({أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}) أي عالم بمن سبقت لهم الهداية وقُدرت لهم أزلًا، قال النواوي فقد أجمع المفسرون على أنها نزلت في أبي طالب ولكنها عامة، فإنه لا يهدي ولا يضل إلا الله تعالى، قال الفراء وغيره معنى قوله تعالى: {مَنْ أَحْبَبْتَ} يكون على وجهين أحدهما من أحببته لقرابته، والثاني من أحببت أن يهتدي، قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم معنى قوله {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} أي بمن قدر له الهدى والله أعلم. اهـ

ويستفاد من الحديث أنه لا يجوز الاستغفار للمشركين ولو أقرب قريب، وأن الهداية بيد الله تعالى لا بيد أحد؛ ولو نبيًّا مرسلًا وملكًا مقربًا، ويجوز الاستغفار للمؤمنين والمسلمين الأحياء والأموات سواء كانوا أقرباء أو بعداء.

وشارك المؤلف رحمه الله تعالى في رواية هذا الحديث البخاري (٤٦٧٥) والنسائي (٤، / ٩٠ - ٩١) وأورده استدلالًا به على الترجمة دون حديث أبي هريرة الآتي لكونه أصح منه لأنه من المتفق عليه بين الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>