للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْحَيَاءُ: شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"

ــ

الشريعة فما أُمرنا بالعمل به عملناه، وما نُهينا عنه انتهينا، وإن لم نُحط بحصر أعداد ذلك والله تعالى أعلم.

وقال القاضي عياض: البضع والبضعة بكسر الباء فيهما وفتحها قليل، القطعة من الشيء والفرقة منه، وأما البضعة من اللحم فبالفتح لا غير، وهما في العدد مما بين الثلاثة إلى العشرة وقيل من الثلاثة إلى التسعة، وقيل هما ما بين اثنتين إلى عشرة، وما بين اثني عشر إلى عشرين ولا يقالان في أحد عشر ولا اثني عشر، وقال أبو عبيدة لا يبلغ بهما نصف العقد وإنما هما من واحد إلى أربعة، وقال الخليل: البضع والبضعة سبعة، والشعبة بضم أوله وسكون ثانيه في أصلها واحدة الشعب وهي أغصان الشجرة والشعبة معناها الخصلة، وأصلها الفرقة والقطعة من الشيء ومنه شعب الإناء وشعبها الأربع، وشعوب القبائل أي عظامها وواحد شعوب القبائل شعبة بالفتح وقيل بالكسر، وشعب الإناء بالفتح صدعه، وفي الحديث "إن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة" رواه البخاري، والمراد هنا أن الإيمان ذو خصال معدودة، وقد ذكر الترمذي هذا الحديث فقال: "بضع وستون أو بضع وسبعون" كما سيأتي في مسلم، ولا يُلتفت لهذا الشك فإن غيره من الثقات قد جزم بأنه بضع وسبعون، ورواية من جزم أولى اهـ مفهم، فمعنى الحديث الإيمان بضع وسبعون خصلة (والحياء) بالمد من الاستحياء (شعبة) أي خصلة (من) خصال (الإيمان) أي خصلة واحدة من خصال الإيمان المحصورة في العدد المذكور، فهو من الأعداد المحصورة بالنص، لأن الحياء يمنع من المعصية؛ كما يمنع الإيمان منها، وقد يعد الحياء من الإيمان بمعنى التخلق والتزام ما يوافق الشرع ويحمد منه، فرب حياء مانع من الخير مُجبن عن قول الحق، وفعله مذموم، ورب حياء يمنع من المأث والرذائل فهو محمود يجازى عليه كما جاء في الحديث الآخر "لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء" رواه مالك في الموطإ، وكان الحياء من خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد يكون الحياء في بعض الناس غريزة وطبعًا جُبل عليه، ولكن استعماله على قانون الشريعة يجب، فيحتاج إلى اكتساب ونية وعلم، وقد يكتسبه من لم يجبل عليه ويتخلق به، ولهذا كله قال: "الحياء لا يأتي إلا بخير" اهـ عياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>