للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٣]. قَال مُوسَى: {قَال ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: ٦٤]. قَال: يَقُصَّانِ آثارَهُمَا، حَتَّى أتَيَا الصخْرَةَ فَرَأَى رَجُلًا مُسَجًّى عَلَيهِ بِثَوْبٍ، فَسَلمَ عَلَيهِ مُوسَى، فَقَال لَهُ الْخَضِرُ: أَنَّى بِأرْضِكَ السلامُ؟

ــ

ويتعجب به غيره ممن شاهده أو سمع قصته، قال النووي: قيل: إن لفظة عجبًا يجوز أن تكون من تمام كلام يوشع، وقيل: من كلام موسى أي قال موسى: عجبت من هذا عجبًا، وقيل: من كلام الله تعالى ومعناه واتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبًا اهـ (قال موسى) لفتاه: (ذلك) الموضع الذي نفقد فيه الحوت هو (مما كنا نبغي) أي هو الموضع الذي جئنا نطلبه لأن مطلوبنا فيه، وقوله: نبغي بإثبات الياء وقفًا ووصلًا في رواية ابن كثير ويعقوب (فارتدا) أي فرجع موسى وفتاه وراءهما، وقوله: (على آثارهما) جمع أثر وهو موضع القدم متعلق بقوله: (قصصًا) وعلى بمعنى اللام أي رجعا وراءهما، حالة كونهما يقضان قصصًا أي قاصين متتبعين لآثار أقدامهما وباحثين عن موطئهما (قال) النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيره: (يقصان آثارهما) أي يتتبعان آثار أقدامهما (حتى أتيا الصخرة) التي رقدا في ظلها وانسل الحوت عندها من المكتل (فرأى) موسى (رجلًا مسجى عليه) أي ملتفًا عليه (بثوب) مغطى به كتغطية الميت، وقد جاء مفسرًا في رواية البخاري قال: (جعل طرف ثوبه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه) وفي رواية (مستلقيًا على قفاه) أي مباشرًا بظهره وقفاه الأرض مستقبلًا بوجهه السماء كهيئة الميت الملفوف بالكفن وليس بنائم، ولذلك لما سلم عليه موسى كشف الثوب عن وجهه وقال: عليك السلام من أنت؟ (فسلم عليه) أي على الخضر (موسى) - عليه السلام -، قال القاضي عياض: فيه تسليم الماشي والمجتاز على القاعد والمضطجع اهـ (فقال له) أي لموسى: (الخضر أنى) اسم استفهام خبر مقدم، وقوله: (بأرضك) متعلق بقوله: (السلام) وهو مبتدأ مؤخر أي وكيف سلامك عليّ بأرضك التي أنت فيها الآن أي من أين حصل لك السلام في هذه الأرض التي لا يُعرف فيها السلام وهو استفهام استبعاد، وقال القرطبي: وهذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن ذلك الموضع كان قفرًا لم به أحد يصحبه ولا أنيس يكلمه، ويحتمل أن يكون أهل ذلك الموضع لا يعرفون السلام الذي سلم به موسى إما لأنهم ليسوا على دين موسى وإما لأنه ليس من كلامهم، وأنى تأتي بمعنى حيث وكيف وأين ومتى حكاه القاضي عياض، وفيه من الفقه تسليم القائم على المضطجع وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>