للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلومة له، كقولك: هذا الذى قدم من الحضرة، لمن لا تعرفه، وتفيد مع ذلك أغراضا غير ذلك، كإفادة التعظيم فى نحو قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ

[الشورى: ٢٢] ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا

[فاطر: ٣٦] ولزيادة التقرير كقوله تعالى: وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ

[يوسف: ٢٣] وقد يرد لتفخيم الأمر وتعظيمه كقوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨)

[طه: ٧٨] وربما سيق لتعظيم شأن القضية كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩)

[المؤمنون: ٥٧- ٥٩] فهذا وارد على جهة تعظيم هذه القضية كما ترى، ومنه قوله تعالى:

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤)

[الأعلى: ١- ٤] ومن هذا قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)

[الشعراء: ٧٨- ٨٢] فهذه الأمور كلها واردة على إفادة مقصد التعظيم والامتنان بهذه النعم، وغير ذلك من الفوائد التى لا تحصى، وإنما ننبه بالأدنى على الأعلى، وبالأقل على الأكثر وأما تعريفه باللام، فاعلم أنه متى كان معرفا باللام، فتارة تفيد الاستغراق كقوله تعالى وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)

[العصر: ١- ٢] لأن المعنى أن كل إنسان متقلب فى خسارة إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

[العصر: ٣] فإنهم على خلاف ذلك، ويصدّق استغراقه ورود الاستثناء منه، وهو لا يصح إلا فى مستغرق، ومنه قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما

[المائدة: ٣٨] أى كل سارق وسارقة، وقوله تعالى: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (٦٩)

[طه: ٦٩] أى كل ساحر فهو غير مفلح فى سحره، وتارة تفيد العهدية كقوله تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى

[آل عمران: ٣٦] أى ليس الذكر الذى طلبته كالأنثى التى أعطيتها، وتارة تفيد الإشارة إلى الحقيقة فى نحو قولك:

أهلك الناس الدينار والدرهم، والرجل خير من المرأة، ومن المعهود فى غير الإسناد قوله تعالى: كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ

[المزمل: ١٥- ١٦] يريد موسى عليه السلام، وأما تعريفه بالإضافة، فإذا خلى المسند إليه عن سائر أنواع التعريف المختصة به وأريد تعريفه من جهة غيره أضيف إلى معرفة فيكتسب منها تعريفها، وقد ترد لأمور أخر غير التعريف، كالتعظيم فى مثل قولك: عبد الله، وعبد الرحمن،

<<  <  ج: ص:  >  >>