فأما الغريب من الحديث كحديث الزهري (١) وقتادة وأشباههما من الأئمة ممن يجمع حديثهم إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبا فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديث يسمى عزيزا فإذا روى الجماعة عنه حديثا سمي مشهورا فاستثنى أبو عبد الله بن مندة أحرفا وهو هذا النوع الذي أشرت إليه فقد صح لديك بيان ما قدمته إليك والله أعلم بالصواب أنشدني أبو جعفر حنبل بن علي بن الحسين البخاري الصوفي أنشدنا الشيخ الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي بالاشتر لنفسه * إلى كم أمني النفس بالقرب واللقا * بيوم إلى يوم وعشر إلى عشر وحتام لا أحظى بوصل أحبتي * وأشكو إليهم ما لقيت من الهجر فلو كان قلبي من حديد أذابه * فراقكم أو كان من أصلب الصخر ولما رأيت البين يزداد والنوى * تمثلت بيتا قيل في سالف الدهر متى يستريح القلب والقلب متعب * ببين على بين وهجر على هجر * قال وأنشدنا أبو الفضل لنفسه * خلعت العذار بلا منة * على من خلعت عليه العذارا * * وأصبحت حيران لا أرتجي * جنانا ولا أتقي فيه نارا * سمعت أبا العلاء الحسن بن أحمد الهمداني الحافظ ببغداد يذكر أن أبا الفضل ابتلي بهوى امرأة من أهل الرستاق كانت تسكن قرية على ستة فراسخ فكان يذهب كل يوم إلى قريتها فيراها تغزل في ضوء السراج ثم يرجع إلى همذان فكان يمشي في كل يوم وليلة اثني عشر فرسخا قرأت بخط أبي المعمر الأنصاري مات أبو الفضل المقدسي يوم الجمعة خامس عشر من ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة وكان حافظا متقنا ودفن في المقبرة العتيقة بالجانب الغربي