ولاه عمر بن عبد العزيز قنّسرين «١» . فلما دخل عليه ليودعه قال: يا هلال، أغد علينا الغداة. فغدا عليه، فدخل ودخلت معه وبين يدي عمر المصحف يقرأ فيه. فلما سلم قال:
أغدوت مودعا؟ قال: نعم، قال: إني موصيك، فاتق الله يكفك، وخف الله يخف منك سواه، وآثر الحق، واعمل به، وإذا ورد عليك مني أمر وافق الحق فأنفذه، وإذا ورد عليك منا أمر رأيت الحق في غيره فاكتب إلينا فيه، فنعقب ما رأيت، فإن كان ما رأيت حقا أمرناك فأنفذته، وإن كان الحق في غيره كتبنا إليك، فانتهيت إليه. وهذا النبطي- وأشار إلى رجل في الدار- فقال: ما له يا أمير المؤمنين؟ قال: استوص به، قال: يا أمير المؤمنين، أضع عنه الجزية؟ قال: لا، إن الله جعل الجزية على من انحرف عن القبلة، ورضي بالذلة، قال: يا أمير المؤمنين، أستعين به؟ قال: لا، [قال]«٢» : يا أمير المؤمنين، فإن نازع إلى أحد أو خاصمه، أميل إليه، أو أحنق له؟ قال: لا، قال: فما تنفعه وصيتك فيه، فخفض له عمر القول ثم قال له: ويحك يا هلال! إن الوالي إذا شاء عدل وأحسن، وإذا شاء عدل وأساء.
[١٠٠٨٨] هلال بن عبد الرحمن القرشي مولاهم المصري وفد على عمر بن عبد العزيز.
قال هلال:
بعثني حيان بن سريج «٣» إلى عمر بن عبد العزيز، وكتب معي في سبقه للخيل، فالتفت عمر إلى عراك بن مالك، فقال: يا عراك، هل سبق النبي صلّى الله عليه وسلّم الخيل؟ قال: قد أجراها، قال: هل علمت أنه جعل له سبقا؟ قال: لا، قال عمر: أولست أعلم الناس بأصحاب الخيل، ينطلقون إلى صبيان صغار فيحملونهم على خيل مضمّرة «٤» قد اعترمت «٥» رؤوسها،