بالجفاء فهو أمغر «١» لأقدامهم، وترك الصبحة «٢» فإن عادتها تكسب الغفلة، وقلة الضحك، فإن كثرته تميت القلب، وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني من الثقات من حملة «٣» القرآن أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ينبت النفاق في القلب، كما ينبت العشب على الماء، ولعمري لتوقّي ذلك بترك حضور تلك المواطن، أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه، وهو حين يفارقها لا يعتقد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع «٤» به، وليفتح كلّ غلام منهم بجزء من القرآن يتثبت في قراءته، فإذا فرغ منه، تناول قوسه [ونبله]«٥» وخرج إلى الغرض حافيا، فرمى سبعة أرشاق ثم انصرف إلى القائلة؛ فإن ابن مسعود كان يقول: يا بني! قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل، والسلام على من اتبع الهدى.
[قال ابن عساكر:]«٦» لا أحسب سهلا هو إلا سهل بن صدقة، والله أعلم.
[[٩٩٠٩] سهل الكندي]
شيخ من شيوخ الصوفية.
حكى عنه أبو الحسن الشيباني.
أنا أبو محمد عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن صابر، أنا أبو الفرج سهل بن بشر، أنا الأستاذ أبو سعد إسماعيل بن المثنى العبقري، أنا أبو الحسن الشيباني، عن سهل الكندي الفقير قال: رأيت في طرق دمشق صومعة على جبل فصعدت إليه، فإذا شاب عريان قد شدّ صخرة على رأس فؤاده، نحيل الجسم، مختلّ الحال، وهو يبكي ويشهق، فإذا أفاق من غشيته قال:
وإنّي لأخلو منذ فقدتك دائبا وأنقش تمثالا لوجهك في الترب