للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بما فيها فتذم ولكن إنما جهرت به فأخذها من أخذها بذلك وهي عليه وتركها من تركها لذلك وهي له وإن الدنيا نادت أهلها بأنها تاركه من أخذها ومفارقه من صحبها ومخربة عمران من عمرها فمن زرع فيها شرورا (١) حصد حزنا ومن ابر فيها هوى اجتنى ندامة وإنما هي لمن زهد فيها اليوم وأعرض عنها وآثر الحق عليها وأخذها من أخذها بعد البيان منها والإخبار عن نفسها فعز نفسه وسماها غزارة وكذب نفسه وسماها كذابة وزهد فيها آخرون فصدقوا مقالتها ورأوا آثارها في فعالها فأخذوا منها قليلا وقدموا فيها كثيرا وسلموا من الباطل وصارت لهم عونا على الحق في غيرها فلم تحمد بإحسان من أحسن فيها وهي له وذمت بإساءة من أساء فيها وهي عليه فأنت أحق بإساءتك فيها إذ كان الإحسان لك دونها فأطرق هشام يفكر في كلامه واملس الرجل فلم يره قال القاضي (٢) من أبر فيها هوى أي لقح يقال أبرت النخل وأبرته إذا لقحته (٣) ومنه قول النبي (صلى الله عليه وسلم) من باع نخلا مؤبرا

[١٣٦٨٦] وقوله سكة مأبورة وقال الشاعر (٤) * لا تأمنن قوما وترتهم * وبداتهم بالغشم والظلم أن يأبروا نخلا لغيرهم * والشئ تحقره وقد ينمي * وقوله فاملس معناه زال عن موضعه بسهولة وهو مأخوذ من الملامسة يقال أملس من كذا وتملس أي زال بسرعة لملاسة موضعه وأنه ليس فيها اجزاء لها نتوء ونبو وتضاريس ويقال في هذا المعنى انملص وتملص وكأنه من الدحض والزلق ويقال إن هذا الوجه أفصح الكلامين ومنه إنملصت المرأة فأزلقت إذا أسقطت جنينها ومنه الخبر الوارد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضى في إملاص المرأة بغرة (٥) عبد أو أمة وذلك إذا ضربت فأسقطت جنينا ميتا وهذا الخبر مما ينبه على الحذر من غرور الدنيا وقال الله تعالى ذكره " يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور " (٦)


(١) تحرفت بالأصل إلى: سرورا
(٢) يعني المعافي بن زكريا الجريري صاحب كتاب الجليس الصالح الكافي
(٣) كذا بالأصل وفي الجليس الصالح: ألقحته
(٤) نسبها بحواشي الجليس الصالح: ألقحته
(٤) نسبها بحواشي الجليس الصالح إلى: الحارث بن وعلة
(٥) زيادة عن الجليس الصالح
(٦) سورة فاطر الآية: ٥