للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الفرش طبري فوثب إلينا منه فتى مقتبل الشبيبة حسن الصورة ظاهر النبل والهيئة متزي (١) من اللباس بزي غلامه فلقيني حافيا يعثر في سراويله واعتنقني ثم قال لي إنما استخدمت هذا الغلام في تلقيك يا سيدي لأجعل ما لعلك استحسنته من وجهه مصانعا عما ترد عليه من قبح وجهي فاستظرفت اختصاره الطريق إلى بسطي وارتجاله النادرة على نفسه حرصا في تأنيسي وأفاض في شكري على المسارعة إلى أمره وأنا واصل خلل سكناته بالتعبد له والمبالغة في الاعتداد به بتفضله وقال لي أنت يا سيدي مكدود بمن كان معك والاستمتاع بمحادثتك لا يتم إلا بالتوصل إلى راحتك وقد كان الأمر على ما ذكر فاستلقيت يسيرا ثم نهضت فخدمت في حالتي النوم واليقظة الخدمة التي ألفتها في دور أكابر الملوك وجلة الرؤساء وأحضرنا خادم له لم أر أحسن وجها ولا سوادا منه طبقا يضم ما يتخذ للعشاء مما خف وظرف فقال لي الأكل مني يا سيدي للجوع ومنك للممالحة والمساعدة فنلنا شيئا وأقبل الليل ففتحت مناظر ذلك البيت إلى فضاء أدى إلينا محاسن الغوطه وحبانا بذخائر رياضها من المنظر الجناني والنسيم العطري واقتعدنا غارب اللذة وجرينا في ميدان المفاوضة فلم يزل يناهبني نوادر الأخبار وملح الأشعار ونخلط ذلك من المزاح بأطرفه ومن التودد بألطفه ثم قال لي أنا والله يا سيدي احب ترفيهك ولا أبطأ عما أنت متوفر عليه فقد عرفت الاسم والنسب والصناعة واللقب وقد كنت أوثر أن نسمة ليلتنا بشئ يكون لها طررا ولذكرها معلما فأخذت دواة وكتبت ارتجالا * وليلة أوسعتني * حسنا ولهو وأنسا إذا طلع الدير سعدا * لم يبق مذ لاح (٢) نحسا * * فصار للروح مني * روحا وللنفس نفسا * فطرب على قولي للروح روحا وللنفس نفسا واخذ الأبيات وجعل يرددها ثم جذب دواة وكتب إجازة لها * ولم أكن لغريمي * والله أبذل فلسا لو ارتضى لي خصمي * بدير مران حبسا * ودفعه إلى فقلت له إذا ما كان والله أحد يؤدى حقا ولا باطلا وعرفت في الجمله أنه


(١) بالأصل: متزين والمثبت عن يتيمة الدهر
(٢) في يتيمة الدهر: بان