للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنبأنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد الشيروي وحدثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد الطبسي عنه أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم نا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي نا يونس بن محمد نا شيبان عن قتادة قال قوله تعالى " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " (١) قال سخر لكم ما في الأرض جميعا كرامة من الله ونعمة لابن ادم متاعا وبلغة ومنفعة إلى قوله " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " قال قتادة قد علمت الملائكة من علم الله أنه لا شئ أكره عند الله من سفك الدم والفساد في الأرض قال الله " إني أعلم ما لا تعلمون " قال قد كان من علم الله أنه سيكون من تلك الخليفة رسل وأنبياء وقوم صالحون وساكنو (٢) الجنة " وعلم ادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة " حتى بلغ قال " يا ادم أنبئهم بأسمائهم " قال علم ادم من الأسماء أسماء خلقه ما لا تعلم الملائكة فسمى كل شئ باسمه وألجأ كل شئ إلى جنسه قال الله عزوجل " ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " (٣) قال وذكر لنا أن الله لما أخذ في خلق ادم قالت الملائكة ما الله بخالق خلقا هو أعلم منا ولا أكرم على الله منا قال فابتليت الملائكة بخلق ادم قال ويبتلي الله عباده بما شاء ليعلم من يطيعه ومن يعصيه


- كونه فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام وجه الحكمة لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين "
إن تساؤل الملائكة مرده إلى خوفهم من أن يكون ذلك لتقصير وقع منهم أو لمخالفة كانت من أحدهم فأسرعوا بتساؤلهم لتبرئة أنفسهم وقالوا: كيف تخلق غيرنا؟ ونحن دائبون على التسبيح بحمدك وتقديس اسمك؟
قالوا ذلك رغبة منهم فيما يزيل شبهتهم وينزع الوساوس من صدورهم وامتد رجاؤهم إلى الله أن يستخلفهم في الارص
يقول صاحب الظلال: ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم من شواهد الحال أو من تجارب سابقة في الارض أو من إلهام البصيرة ما يكشف لهم عن شئ من فطرة هذا المخلوق أو من مقتضيات حياته على الارض وما يجعلهم يعرفون أو يتوقعون أنه سيفسد في الارض وأنه سيسفك الدماء وهو متحقق بوجودهم هم
(١) سورة البقرة الاية: ٢٩
(٢) عن تاريخ الطبري ١ / ١٠١ وبالاصل " وساكن "
(٣) سورة البقرة الايات ٣٠ إلى ٣٣